للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "يقاتل في سبيل اللَّه، فيُقتَل" زاد همّام: "فيلج الجنّة"، قال ابن عبد البرّ: معنى هذا الحديث عند أهل العلم أن القاتل الأول كان كافرًا.

قال الحافظ: وهو الذي استنبطه البخاريّ في ترجمته -يعني قوله: "باب الكافر يَقتُل المسلمَ، ثمّ يُسلم، فيُسدّد بعدُ، ويُقتَل"- ولكن لا مانع أن يكون مسلمًا لعموم قوله: "ثم يتوب اللَّه على القاتل"، كما لو قَتَلَ مسلمٌ مسلمًا عمدًا بلا شبهة، ثم تاب القاتل، واستُشهِد في سبيل اللَّه، وإنما يمنع دخول مثل هذا من يذهب إلى أن قاتل المسلم عمدًا لا تقبل له توبة.

ويؤيّد الأول أنه وقع في رواية همّام: "ثم يتوب اللَّه على الآخر، فيهديه إلى الإسلام"، وأصرح من ذلك ما أخرجه أحمد من طريق الزهريّ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة بلفظ: "قيل: كيف يا رسول اللَّه؟، قال: يكون أحدهما كافرًا، فيَقتُل الآخر، ثم يُسلِم، فيَغزُو، فيُقْتَلُ". انتهى (١).

وقوله: "ثم يتوب اللَّه على القاتل، فيستشهد" زاد همّام: "فيَهديه إلى الإسلام، ثم يُجاهد في سبيل اللَّه، فيُستشهد".

والحديث متّفق عليه، وقد سبق تمام البحث فيه في الذي قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٩ - (فَضْلُ الرِّبَاطِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الرِّباط" -بكسر الراء- و"المرابطة" مصدران لرابط، كما قال في "الخلاصة":

لِفَاعَلَ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَهْ … وَغَيْرُ مَا مَرَّ السَّمَاعُ عَادَلَهْ

وهو ملازمة ثَغْر العدوّ، وأصله أن يربِط كلٌّ من الفريقين خيله، ثم صار لزوم الثَّغْر (٢) رِباطًا، وربّما سُميت الخيل أنفسها رِبَاطًا. والرباط: المواظبة على الأمر. أفاده في "اللسان".


(١) - "فتح" ٦/ ١٢٤ - ١٢٥.
(٢) - بفتح، فسكون: الموضع الذي يُخاف منه هُجُوم العدوّ، فهو كالثُّلْمَة في الحائط، يُخاف هجُوم السارق منها، والجمع ثُغُور، مثلُ فَلْسٍ وفُلُوس. انتهى "المصباح المنير".