للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ أَنَسٍ) بن مالك - رضي اللَّه تعالى عنه -، أنه قال (قَالُوا) أي الصحابة، أو الأنصار - رضي اللَّه عنه - (يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا) -بفتح الهمزة، وتخفيف اللام-: معناها هنا العرض، وهو الطلب بلين، كما في قوله تعالى: {أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ} الآية [النور: ٢٢] بخلاف التحضيض، فإنه طلب بِحَث وإزعاج (تَتَزَوَّجُ مِنْ نِسَاءِ الأَنْصَارِ؟، قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إِنَّ فِيهِمْ لَغَيْرَةً) بفتح الغين المعجمة، وسكون التحتانيّة-: هي الْحَمِيّةُ والأنَفَةُ، وإنما وصفها بقوله (شَدِيدَةً) لأن أصل المغيرة ليس مذمومًا؛ لأنه من طبيعة النساء، وإنما المذموم ما كان شديدًا. وجملة "إن" تعليلٌ لمحذوف، تقديره: لا أتزوّج منهنّ؛ لأن فيهنّ غيرةً شديدةً، يترتب عليها سوء العشرة، التي توقع الإنسان في مخالفة قوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} الآية [النساء: ١٩]

وفيه أنه لا ينبغي نكاح المرأة الشديدة الغيرة، وهو الذي أراده المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بعقد هذا الباب هنا، وذلك لأن شدة غيرتها يحملها على أن لا تراعي حقوق الزوج، ومن ثمّ يكافئوها هو بسوء العشرة، فيخلّ كلٌّ منهما بما أوجب اللَّه تعالى عليه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-١٣/ ٣٢٣٤ - وفي "الكبرى"١٣/ ٥٣٤١. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٧ - (إِبَاحَةُ النَّظَرِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ)

٣٢٣٥ - (أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ (١) , قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ (٢) , قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ- عَنْ أَبِي حَازِمٍ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ, قَالَ: خَطَبَ رَجُلٌ امْرَأَةً, مِنَ الأَنْصَارِ, فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: «هَلْ نَظَرْتَ إِلَيْهَا؟» , قَالَ: لَا, فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهَا).


(١) - زاد في "الكبرى": "دُحيم الدمشقيّ، قاضي الرملة".
(٢) - زاد في "الكبرى": "وهو ابن معاوية الفزاريّ".