[المسألة العاشرة في سبب انتخاب النسائي للصغرى من الكبرى]
كتب المصحح في هذا الموضوع بحثًا نفيسًا أحببت إيراده لأهميته.
قال جزاه الله خيرا: إذا أردنا أن نعرف السبب الذي لأجله صنف الإمام النسائي كتابه المجتبى بعد تأليفه السنن الكبرى، فعلينا أن نتتبع تأريخ تصنيف كتب الحديث الستة في عصر المصنف فإن هذه الدراسة ستعيننا في تحقيق هذا السبب، وهذه سنُو وَفَيَات الأئمة الستة بترتيبها الزمني:
البخاري ٢٥٦
مسلم ٢٦١
ابن ماجه ٢٧٣
أبو داود ٢٧٥
الترمذي ٢٧٩
النسائي ٣٠٣
فصنف النسائي سننه الكبرى في جملة من صنف من هؤلاء المحدثين، وهو آخرهم وفاة، ولهذا تيسر له النظر في مصنفات من تقدمه بعد تصنيفه الأول، وهو الكبرى، وهذا على ما يظهر حمله على تصنيفه الثاني، وهو المجتبى مراعيًا فيه كل ما رآه من المحاسن في تصانيف غيره، وبالأخص الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله.
ولما كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - مبينا لما أجمل القرآن من أحكام الشريعة، كما قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: آية ٤٤]، التزم أفقه المحدثين الإمام البخاريُّ بإصدار تراجم الكتب والأبواب من صحيحه بآيات من القرآن مهما أمكن، ثم يورد الأحاديث المتعلقة بتلك الآيات بمنزلة التفسير والبيان لمعانيها، وهذا من منتهى فهمه وتفقهه. فكأن الإمام النسائي تفطن لهذا السر، وأدركه،