"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
…
٥ - (بَابُ الْقَوَدِ)
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه:"القَوَدُ" -بفتحتين-: القصاص، وأقاد الأمير القاتل بالقتيل: قتله به قَوَدًا. قاله الفيّوميّ. وَقَالَ ابن منظور: القود: قتلُ النفس بالنفس، شاذّ، كالْحَوَكَة، والْخَوَنَة، واستقدت الحاكم، فأقادني: أي سألته أن يُقيد القاتلَ بالقتيل. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا. و"بشر بن خالد": هو العسكريّ، أبو محمد الفرائضيّ، نزيل البصرة، ثقة يُغرب [١٠] ٢٦/ ٨١٢. و"محمد بن جعفر": هو غندر. و"سليمان": هو الأعمش. و"عبد الله": هو ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وقوله:"النفس بالنفس": أي تقتل النفس فِي مقابلة قتل النفس، فالمراد به القصاص بشرطه، وَقَدْ يستدل به أصحاب أبي حنيفة رحمهم الله فِي قولهم: يُقتل المسلم بالذمي، ويقتل الحر بالعبد، وجمهور العلماء عَلَى خلافه، منهم مالك، والشافعي، والليث، وأحمد. قاله النوويّ.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الجمهور هو الأرجح؛ لقوّة دليله، كما سيأتي بيانه فِي بابه، إن شاء الله تعالى.
وقوله:"والثيّب الزاني": فيه إثبات قتل الزاني المحصن، والمراد رجمه بالحجارة حَتَّى يموت، وهذا بإجماع المسلمين.
وقوله:"والتارك لدينه، المفارق": أي لجماعة المسلمين، وهو عام فِي كل مُرتدّ عن الإِسلام بأي رِدَّة كانت، فيجب قتله، إن لم يرجع إلى الإِسلام، قَالَ العلماء: ويتناول أيضا كل خارج عن الجماعة ببدعة، أو بغي، أو غيرهما، وكذا الخوارج. والله أعلم.