للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٧٢ - الصُّفُوفُ عَلَى الْجَنَازَةِ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- الرّدّ على من ذهب إلى أنه لا يشرع تسوية الصفوف في الصلاة على الجنازة، وهو منقول عن عطاء، فقد روى عبدالرزّاق، عن ابن جريج، قال: قلت لعطاء: أحقٌّ على الناس أن يسوّوا صفوفهم على الجنائز، كما يسوونها في الصلاة؟ قال: لا، إنما يكبّرون، ويستغفرون. وأشار بصيغة الجمع إلى ما ورد في استحباب ثلاثة صفوف، وهو ما رواه أبو داود وغيره، من حديث مالك بن هُبيرة، مرفوعًا: "من صلّى عليه ثلاثة صفوف، فقد أوجب". حسنه الترمذيّ، وصححه الحاكم، لكن فيه عنعنة ابن إسحاق، وفي رواية: "إلا غُفر له".

قال الطبريّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ينبغي لأهل الميت إذا لم يخشَوا عليه التغير أن يتنظروا به اجتماع قوم يقوم منهم ثلاثة صفوف لهذا الحديث انتهى. والمراد بـ "الجنازة" في الترجمة الميت، سواء كان حاضرًا، أو غير حاضر، فأحاديث الباب، وإن كانت فيها الاصطفاف على الغائب، إلا أنه يُعلم منه حكم الحاضر، لأن الاصطفاف إذا شرع، والجنازة غائبة، ففي الحاضرة أولى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هكذا قال في "الفتح"، وفيه أن محلّ الاستدلال قوله: "فصف بنا"، وعندي أنه قوله: "كما يصف على الجنازة"، فليس الاستدلال بالقياس على الغائب المشبه، بل هو بصريح المشبه به. والحاصل أن من هدي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - إذا صلى على الجنازة صف الناس، ثم صلى، ففعل ذلك أيضًا حينما صلى على النجاشي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب،

١٩٧٠ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ, عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ, عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ, عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ جَابِرٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «إِنَّ أَخَاكُمُ النَّجَاشِيَّ, قَدْ مَاتَ, فَقُومُوا, فَصَلُّوا عَلَيْهِ» , فَقَامَ فَصَفَّ بِنَا, كَمَا يُصَفُّ عَلَى الْجَنَازَةِ, وَصَلَّى عَلَيْهِ.

رجال الإسناد: خمسة:

١ - (محمد بن عُبيد) بن محمد بن واقد المحاربيّ، أبو جعفر، أو أبو يعلى النّحّاس الكوفيّ، صدوق [١٠] ١٤٤/ ٢٢٦.


(١) - راجع "الفتح" ج ٣ ص ٥٤٢.