للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} الآية. ويحتمل أن يكون بعده، لجواز تمنّي المستحيل، كما في "ليت الشباب يعود يوما" انتهى (١).

وفيه تعظيم أمر الجهاد، ورفقه - صلى اللَّه عليه وسلم - بأمته، ورأفته بهم، وأنه يترك بعض أعمال البرّ خشية أن يتكلّفوه، فيشقّ عليهم، وهو أصل في الرفق بالمسلمين، والسعي في زوال المكروه، والمشقّة عنهم. وفيه أنه إذا تعارضت المصالح بُدىء بأهمّها. وفيه أن الجهاد فرض كفاية، لا فرض عين، حتى في زمنه - صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو الأصحّ، وقيل: كان في زمنه فرض عين، وعلى القول بأنه فرض كفاية قد يتعيّن لعارض، كما تقدّم البحث عنه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي الدرداء هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا- ١٨/ ٣١٣٣ - وفي "الكبرى" ١٥/ ٤٣٤٠. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٩ - (مَا لِمَنْ أَسْلَمَ، وَهَاجَرَ، وَجَاهَدَ؟)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: يحتمل أن تكون "ما" هنا موصولة، أي هذا باب ذكر الدليل على الثواب الذي أُعدّ لمن أسلم الخ. ويحتمل أن تكون استفهاميّة، أي أيُّ شيء من الثواب ثبت لمن أسلم الخ؟. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٣١٣٤ - قَالَ: الْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ, قِرَاءَةً عَلَيْهِ, وَأَنَا أَسْمَعُ, عَنِ ابْنِ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ, عَنْ عَمْرِو بْنِ مَالِكٍ الْجَنْبِيِّ, أَنَّهُ سَمِعَ فَضَالَةَ بْنَ عُبَيْدٍ, يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - يَقُولُ: «أَنَا زَعِيمٌ -وَالزَّعِيمُ الْحَمِيلُ- لِمَنْ آمَنَ بِي, وَأَسْلَمَ, وَهَاجَرَ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ, وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ, وَأَنَا زَعِيمٌ لِمَنْ آمَنَ بِي, وَأَسْلَمَ, وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ, بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ, وَبِبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ, وَبِبَيْتٍ فِي أَعْلَى غُرَفِ الْجَنَّةِ, مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ, فَلَمْ يَدَعْ لِلْخَيْرِ مَطْلَبًا, وَلَا مِنَ الشَّرِّ مَهْرَبًا, يَمُوتُ حَيْثُ شَاءَ أَنْ يَمُوتَ»).


(١) - "شرح السنديّ" ٦/ ٢٠.