للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا الحديث نظير حديث أبي سعيد الخدريّ - رضي اللَّه عنه -، قال: جاء أعرابي إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، فسأله عن الهجرة، فقال: "ويحك إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل؟ "، قال: نعم، قال: "فتعطي صدقتها؟ "، قال: نعم، قال: "فهل تَمْنَح منها شيئا؟ "، قال: نعم، قال: "فتحلُبُها يوم وِرْدِها؟ "، قال: نعم، قال: "فاعمل من وراء البحار، فإن اللَّه لن يَتِرَك من عملك شيئًا". متّفق عليه، وسيأتي للمصنّف في "كتاب الأيمان والنذور" برقم -٣٨٧٦. إن شاء اللَّه تعالى.

[تنبيه]: وقع في النسخ المطبوعة من "المجتبى": ما لفظه: "هَاجِرًا -بصيغة اسم الفاعل- ومات في مولده"، بالواو، وهو تصحيف، والصواب: "هَاجَرَ" -بصيغة الماضي- "أو مات في مولده" بـ"أو"، كما في "النسخة الهنديّة" و"السنن الكبرى"، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا نُخْبِرُ بِهَا) أي بهذه البشرى (النَّاسَ، فَيَسْتَبْشِرُوا بِهَا؟) الفعل منصوب بـ"أن" مضمرة بعد الفاء السببيّة (فَقَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إِنَّ لِلْجَنَّةِ، مِائَةَ دَرَجَة، بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبيلِهِ) هذا الكلام علة لمحذوف، أي لا تخبروهم بهذه الفضيلة؛ لأنه ليس المطلوب المغَفرة فقط، بل تحصيل الدجات العالية أيضًا مطلوب، والإخبار بمثل هذا الخبر ربّما يؤدي إلى قصر الهمّة على تحصيل المغفرة، وهو يُفضي إلى الحرمان عن الدرجات المطلوبة، فلا ينبغي الإخبار بهذا، ثم أكّد ذلك بقوله (وَلَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) كأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - يقول: أنا مع أنه حصل لي المغفرة قطعًا، أريد أن أجاهد في سبيل اللَّه تعالى لتحصيل الدرجات العالية، فكيف حال غيري (وَلَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُهُم عَلَيْهِ، وَلَا تَطِيبُ أَنْفُسُهُمْ أَنَّ يَتَخَلَّفُوا بَعْدِي) أي فيوجب ذلك مشيهم معي على أرجلهم، وفيه من المشقّة عليهم ما لا يخفى (مَا قَعَدْتُ خَلْفَ سَرِيَّةٍ) هي قطعة من الجيش تنفرد بالغزو، قال في "النهاية": يبلغ أقصاها أربعمائة. وقال في "المحكم": ما بين خمسة أنفس إلى ثلاثمائة. وقيل: هي من الخيل نحو أربعمائة، وسميت بذلك؛ لأنهم خلاصة العسكر، وخيارهم، وقيل: غير ذلك (١)، كما تقدّم.

والمعنى ما تخلّفت عن السريّة بعد خروجها، بل أخرج معها كلما خرجت

(وَلَوَدِدْتُ أَنِّي أُقْتَلُ، ثُمَّ أُحْيَا) بضم الهمزة على البناء للمفعول، ويجوز فيه الفتح على البناء للفاعل. قاله وليّ الدين (٢) (ثُمَّ أُقْتَلُ) بضم الهمزة بالبناء للمفعول، لا غير. قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: يحتمل أن يكون ذاك قبل قوله تعالى: {وَاَللهُ


(١) - راجع "طرح التثريب" ٧/ ٢٠٣.
(٢) - "طرح التثريب" ٧/ ١٩٨.