يعني على الغالب، وأيضًا على مذهب من يشترط التقام الثدي. واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه]: مذهب عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -كما سيأتي- أنها لا تفرّق في حكم الرضاع بين حال الصغر والكبر، وقد استُشكل ذلك مع كون هذا الحديث من روايتها، واحتجّت هي بقصّة سالم مولى أبي حُذيفة، فلعلّها فهمت من قوله:"إنما الرضاعة من المجاعة" اعتبار مقدار ما يسدّ الجوعة من لبن المرضعة لمن يرتضع منها، وذلك أعمّ من أن يكون المرتضع صغيرًا أو كبيرًا، فلا يكون الحديث نصًّا في منع اعتبار رضاع الكبير، وحديث ابن عبّاس مع تقدير ثبوته ليس نصًا في ذلك، ولا حديث أم سلمة؛ لجواز أن يكون المراد أن الرضاع بعد الفطام ممنوع، ثم لو وقع رتب عليه حكم التحريم، فما ثبت في الأحاديث المذكورة ما يدفع هذا الاحتمال، فلهذا عملت عائشة بذلك (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٥٢ - (لَبَنُ الْفَحْلِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الْفَحْلُ" بفتح الفاء؛ وسكون المهملة: الذكر من الحيوان، جمعه فُحُول، وفُحُولةٌ- بالضمّ فيهما- وفِحالٌ -بالكسر-، والمراد به هنا الرجل الذي نزل بسببه لبن المرأة، فنسبة اللبن إليه مجازيّةٌ؛ للسببيّة.
قال العلاّمة ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- عند قوله:"ولبن الفحل محرِّمٌ": معناه أن المرأة إذا أرضعت طفلًا بلبن ثاب من وطء رجل، حُرِّمَ الطفلُ على الرجل، وأقاربه، كما يُحرَّم ولده من النسب؛ لأن اللبن من الرجل، كما هو من المرأة، فيصير الطفل ولدًا للرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل إخوته، سواء كانوا من تلك المرأة، أو من غيرها، وإخوة الرجل، وأخواته أعمام الطفل وعمّاته، وآباؤه، وأمهاته أجداده، وجدّاته.
قال أحمد: لبن الفحل أن يكون للرجل امرأتان، فترضع هذه صبيّة، وهذه صبيًّا، لا يزوّج هذا من هذا. وسُئل ابن عبّاس عن رجل له جاريتان، أرضعت إحداهما جارية،