للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فِي اختلاف أهل العلم فِي موضحة غير الرأس والوجه:

ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه ليس فِي موضحة غير الرأس والوجه مقدر، وبه قَالَ مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، وإسحاق، وابن المنذر، قَالَ ابن عبد البرّ: ولا يكون فِي البدن موضحة -يعني ليس فيها مقدر- قَالَ: وعلى ذلك جماعة العلماء، إلا الليث بن سعد، قَالَ: الموضحة تكون فِي الجسد أيضا، وَقَالَ الأوزاعي: فِي جراحة الجسد عَلَى النصف منْ جراحة الرأس، وحُكي نحو ذلك عن عطاء الخراساني، قَالَ فِي الموضحة فِي سائر الجسد: خمسة وعشرون دينارا.

وحجة الأولين أن اسم الموضحة إنما يُطلق عَلَى الجراحة المخصوصة، فِي الوجه والرأس، وقول الخليفتين الراشدين -يعني أبا بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما-: الموضحة فِي الوجه والرأس سواء، يَدُلُّ عَلَى أن باقي الجسد بخلافه، ولأن الشين فيما فِي الرأس والوجه أكثر، وأخطر مما فِي سائر البدن، فلا يلحق به، ثم إيجاب ذلك فِي سائر البدن يفضي إلى أن يجب فِي موضحة العضو أكثر منْ ديته، مثل أن يوضح أنملة ديتها ثلاثة وثلث، ودية الموضحة خمس، وأما قول الأوزاعي، وعطاء الخراساني، فتَحَكُّم، لا نص فيه، ولا قياس يقتضيه، فيجب اطِّراحه. قاله فِي "الغني" ١٢/ ١٦١.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما ذُكر أن الأرجح هو ما عليه الجمهور منْ أنه لا مقدّر فِي موضحة غير الرأس والوجه، بل يجب فيها حكومة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٤٦ - (ذِكْرِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِى الْعُقُولِ وَاخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ لَهُ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "العُقُول": بالضمّ جمع عَقْل بالفتح، كفلس وفُلُوس.

ووجه الاختلاف فِي هَذَا الْحَدِيث أنه اختُلِف فيه عَلَى يحيى بن حمزة، فرواه عنه الحكم بن موسى، عن سليمان بن داود، عن الزهريّ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو