للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زُريع، كلهم عن شعبة بإسناده.

وهذا من جملة ما يُكساه الميت في كفنه، وقد ترك اللَّه تعالى هذا العمل في دفن رسوله - صلى اللَّه عليه وسلم - المعصوم من الناس، ولم يمنع منه، وفعله خيرة أهل الأرض في ذلك الوقت، بإجماع منهم، لم يُنكره أحد منهم، ولم يرد ذلك المالكيون، وهم يدّعون في أقلّ من هذا عمل أهل المدينة! وقد تركوا عملهم هنا، وفي الصلاة على الميت في المسجد، وفي حديث صخر أنه عملهم، وحسبنا اللَّه، ونعم الوكيل انتهى (١) واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٨٩ - السَّاعَاتُ الَّتِي نُهِيَ عَنْ إِقْبَارِ الْمَوْتَى فِيهِنَّ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الترجمة، ظاهرة في كون المصنّف يحمل قول عقبة بن عامر - رضي اللَّه عنه -: "أو نقبر فيهنّ موتانا" على الدفن، لا على الصلاة، كما فسر به بعضهم، فَيُمنَع عن دفن الموتى في هذه الأوقات، وهذا الذي ذهب إليه المصنّف، هو الذي ذهب إليه ابن حزم، فقال بعدم جواز الدفن في هذه الأوقات، عملاً بظاهر النهي (٢).

وذهبت الحنابلة إلى الكراهة، وقالت الحنفيّة، والشافعية: لا يكره الدفن في هذه الأوقات إلا أن يتحرّى ذلك، فيكره. ومحلّ الخلاف ما لم يُخشَ تغيّر الميت، وإلا فلا خلاف في الجواز (٣)

قلت: القول الأول هو الراجح عندي؛ لقوة دليله، فيمنع الدفن في الأوقات الثلاثة، إلا عند الضرورة، فأما إذا كان هناك ضرر، بأن خيف تغير الميت، ونحو ذلك، فلا حرج في دفنه في هذه الأوقات، لقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا


(١) - "المحلّى" ج ٥ ص ١٦٤.
(٢) - انظر "المحلى" ج ٥ ص ١١٤ - ١١٥.
(٣) - انظر "المنهل" ج ٩ ص ٢٦.