للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويجاب بأن المفهوم المذكور صالح لتقييد تلك المطلقات، عند منْ عمل بمفهوم الشرط منْ أهل العلم، والترجيح إنما يصار إليه عند تعذر الجمع، وَقَدْ أمكن هاهنا يحمل المطلق عَلَى المقيد. انتهى "نيل الأوطار" ٥/ ٣٥٨.

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول الثاني، وهو عدم ثبوت الشفعة بعد الإذن هو الأرجح، وهو الذي مال إليه البخاريّ، حيث ترجم فِي "صحيحه" بقوله: "باب عرض الشفعة عَلَى صاحبها قبل البيع"، وَقَالَ الحكم: إذا أذن له قبل البيع، فلا شُفعة له. وَقَالَ الشعبيّ: منْ بِيعت شفعته، وهو شاهدٌ، لا يُغيّرها، فلا شفعة له". انتهى.

والحاصل أن حمل المطلق الذي احتجّ به القائلون بثبوت الشفعة بعد الإذن عَلَى المقيّد بمفهوم هَذَا الْحَدِيث أولى، كما أشار إليه الشوكانيّ فِي كلامه المذكور آنفًا. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

والحديث أخرجه مسلم، وتقدّم تخريجه، وبيان سائر المسائل المتعلّقة به فِي ٨٠/ ٤٦٤٨ - فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

١٠٩ - (ذِكْرُ الشُّفْعَةِ، وَأَحْكَامِهَا)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الشُّفعة" بضمّ المعجمة، وسكون الفاء، وغلط منْ حرّكها، مأخوذة منْ الشفع، وهو الزوج، وقيل: منْ الزيادة، وقيل: منْ الإعان. قاله فِي "الفتح" ٥/ ١٩٢.

وَقَالَ الفيّوميّ: شفَعت الشيءَ شَفْعًا، منْ باب نفع: ضممتُهُ إلى الفرد، وشفعتُ الركعة: جعلتها ثنتين، ومن هنا اشتُقّت الشُّفْعة، وهي مثالُ غُرْفة؛ لأن صاحبها يشفع ماله بها، وهي اسم للملك المشفوع، مثلُ اللُّقْمَة، اسم للشيء الملقوم، وتُستعمل بمعنى التملّك لذلك الملك، ومنه قولهم: منْ ثبتَ له شُفْعة، فأخّر الطلب بغير عذر، بطلت شفعته، ففي هَذَا المثال بَيِّنُ المعنيين، فإن الأولى للمال، والثانية للتملّك، ولا يُعرف لها فعلٌ. انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح" -بعد أن ذكر المعاني اللغوية الماضية-: وفي الشرع: انتقال حصّة شريك إلى شريك، كانت انتقلت إلى أجنبيّ، بمثل العوض المسمّى، ولم يختلف العلماء فِي مشروعيّتها، إلا ما نُقل عن أبي بكر الأصمّ منْ إنكارها. انتهى.