أي هَذَا باب ذكر الأحاديث الدّالّة عَلَى حكم منْ اشترى شيئًا، ثم أفلس، قبل التصرّف فِي الشيء المشترى.
فقوله:"يبتاع" بالبناء للفاعل: أي يَشتري. وقوله:"البيع": بمعنى المبيع، منْ إطلاق المصدر، وإرادة اسم المفعول. وقوله:"فيُفلس" بضمّ الياء، منْ الإفلاس، قَالَ الفيّوميّ: أفلس الرجل: كأنه صار إلى حالٍ ليس له فلوسٌ، كما يقال: أقهر: إذا صار إلى حال يُقْهَر عليه، وبعضهم يقول: صار ذا فُلُوس، بعد أن كَانَ ذا دراهم، فهو مُفلسٌ، والجمع مَفَاليسُ، وحقيقته الانتقال منْ حالة الْيُسْر إلى حالة الْعُسْر. وفَلّسه القاضي تفليسًا: نادَى عليه، وشَهَرَه بين النَّاس بأنه صار مُفْلسًا. والفَلْسُ: الذي يُتعامل به، جمعه فِي القلّة أَفْلُس، وفي الكثرة فُلُوس. انتهى.
وَقَالَ فِي "الفتح": المفلس شرعا: منْ تزيد ديونه عَلَى موجوده، سُمّي مُفلِسا؛ لأنه صار ذا فلوس، بعد أن كَانَ ذا دراهم ودنانير، إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال، وهي الفلوس، أو سُمي بذلك؛ لأنه يُمنَع التصرف، إلا فِي الشيء التافه، كالفلوس؛ لأنهم ما كانوا يتعاملون بها إلا فِي الأشياء الحقيرة، أو لأنه صار إلى حالة، لا يملك فيها فَلْسًا، فعلى هَذَا فالهمزة فِي أفلس للسلب. انتهى.
وَقَالَ القرطبيّ رحمه الله تعالى: قوله: "أفلس الرجل": فِي اللغة: صار ذا فلوس، بعد أن كَانَ ذا دنانير، كما يقال: أخبث الرجل: أي صار أصحابه خُبَثاء، وأقطف الرجل: إذا صارت دابّته قَطُوفًا. والمفلس فِي عرف العرب: منْ لا مال له عينًا, ولا عَرَضًا, ولا غيره، ولذلك قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لأصحابه -رضي الله عنهم-: "أتدرون منْ المفلس؟ "، قالوا: ما هو المعروف عندهم، فأجابوه بقولهم: منْ لا درهم له، ولا متاع. رواه