للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ) فيه أن الرمي يكون بسبع حصيات. قال النوويّ: ويجب رميها بسبع حصيات، فلو بقيت منهنّ واحدة لم يكفه الستّ انتهى. وعند الحنفيّة إذا ترك أكثر السبع لزمه دم، كما لو لم يرم أصلاً، وإن ترك أقلّ منه كثلاث، فما دونها فعليه لكلّ حصاة صدقة، ولا يشترط الموالاة بين الرميات، بل يسنّ، ويكره تركها. وقال النوويّ: ولا يجوز عند الشافعيّ، والجمهور الرمي بالكحل، والزرنيخ، والذهب، والفضّة، وغير ذلك مما يسمّى حجرًا، وجوّزه أبو حنيفة بكلّ ما كان من أجزاء الأرض (يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ مِنْهَا) قال النوويّ: فيه أنه يسنّ التكبير مع كلّ حصاة، وفيه أنه يجب التفريق بين الحصيات، فيرميهنّ واحدة واحدة، فإن رمى السبعة رمية واحدة حُسب ذلك كله حصاة واحدة عندنا وعند الأكثرين، وموضع الدلالة لهذه المسألة قوله: "يكبّر مع كلّ حصاة"، فهذا تصريح بأنه رمى كلّ حصاة وحدها، مع قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لتأخذوا عتي مناسككم" انتهى (حَصَى الخَذْفِ) هكذا نسخ "المجتبى"، و"السنن الكبرى" بلفظ "حصى الخذف" بدون لفظة "مثل"، وهكذا هو في "صحيح مسلم".

قال النووي في "شرح مسلم": هكذا هو في النسخ، وكذا نقله القاضي عياض عن معظم النسخ. قال: وصوابه "مثل حصى الخذف"، قال: وكذلك رواه غير مسلم، وكذا رواه بعض رواة مسلم. قال النوويّ: والذي في النسخ من غير لفظة "مثل" هو الصواب، بل لا يتّجه غيره، ولا يتمّ الكلام إلا كذلك، ويكون قوله: "حصى الخذف" متعلقًا بحصيات، أي رماها بسبع حصيات حصى الخذف، يكبّر مع كلّ حصاة، فحصى الخذف متصلٌ بحصيات، واعترض بينهما "يكبّر مع كلّ حصاة"، وهذا هو الصواب. واللَّه أعلم انتهى كلام النوويّ (١).

قال القاري بعد نقل كلام النوويّ: وعندي أن اتصال حصى الخذف بقوله: "مع كلّ حصاة، أقرب لفظًا، وأنسب معنى، ومع هذا الاعتراض، ولا تخطئة على إحدى النسختين، فإن تعلّقه بحصاة، أو حصيات، لا ينافي وجود مثل لفظًا، أو تقديرًا، غايته أنه إذا كان موجودا فهو واضح معنى، وإلا فيكون من باب التشبيه البليغ، وهو حذف أداة التشبيه، أي كحصى الخذف، بل لا يظهر للتعلّق غير هذا المعنى، فالروايتان صحيحتان، وما سيأتي في الحديث عن جابر رواه الترمذيّ بلفظ: "وأمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف وروى مسلم عنه بلفظ: "رمى الجمرة بمثل حصى الحذف" يرجّح وجود المثل، ويؤيّد تقديره (٢).


(١) - شرح مسلم ٨/ ٤١٩.
(٢) - راجع "المرعاة" ٩/ ٣٩ - ٤٠.