للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

البئر، فكيف لو قتله. انتهى كلام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى- (١).

وقال في "الفتح": ما حاصله: اسْتُدِلَّ بِقصّة عائشة في سحر اليهوديّ له - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم -، على آن السَّاحِر لا يُقْتَل حدًّا، إِذا كان لهُ عهد، وأمَّا ما أخرجهُ التزمِذِي من حدِيث جُندُب، رفعهُ، قال: "حد السَّاحِر ضربه بِالسيفِ"، ففِي سنده ضعف، فلو ثبت لخُصّ مِنهُ من لهُ عهد، وتقدم فِي "الجِزية" من رِواية بجالة (٢): "أن عُمر كتب إِليهِم أن اقتُلُوا كُل ساحِر وساحِرة"، وزاد عند الرَّزَّاق، عن ابن جُريج، عن عمرو بن دِينار، في رِوايته عن بجالة. "فقتلنا ثلاث سواحِر"، أخرج البُخارِيّ أصل الحدِيث، دُون قِصَّة قتل السَّواحِر.

قال ابن بطال: لا يُقتل ساحِر أهل الكِتاب، عِتد مالِك، والزهرِي، إِلا أن يقتُل بِسِحرِهِ فيُقتل، وهُو قوْل أبِي حنِيفة، والشَّافعِيّ، وعق مالِك إن أدخل بِسِحرِهِ ضررًا على مسلِم، لم يُعاهد عليهِ، نقض العهد بذلِك، فيحِلّ قتله. وانما لم يقتُل النبِي - صلى اللَّه عليه وسلم - لبِيد بن الأعصم؛ لأنةُ كان لا ينتقِم لِنفسِهِ، ولأنةُ خشي إذاً قتلهُ أن تثُور بِذلِك فِتنة، بين المسلِمِين وبين حُلفائهِ من الأنصار، وهُو من نمط ما راعاهُ، من تزك قتل المنافِقِين، سواء كان لبِيد يهُودِيَّا، أوْ مُنافِقا، على ما سيأتي من الِاختِلاف فِيهِ. قال: وعِند مالِك أن حُكم السَّاحِر، حُكم الزنْديق، فلا تُقبل توْبته، ويُقتل حداً، إِذا ثبت عليهِ ذلِك، وبِهِ قال أحمد. وقال الشافِعِي: لا يُقتل إِلا إٍ ن اعترف بِسِحرِهِ، فيُقتل بِهِ، فإن اغترف أن سِحرهُ قدْ يقتُل، وقد لا يقتُل، وأنهُ سحرهُ، وأنهُ مات لم يجِب عليهِ القِصاص، ووجبت الدِّية في ماله، لا على عاقِلته، ولا يُتصوْر القتل بِالصحرِ بِالبيِّنةِ، وادعى أبُو بكِر الرَّازِيُّ في "الأحكام" أن الشافِعِي تفرد بِقوْلِهِ: إِنَّ السَّاحِر يُقتل قِصاصًا، إِذا اعترف أنهُ قتلهُ بِسِحرِهِ. واللَّه أعلم.

قال النووِي: إن كان الصحر قوْلاً أوْ فِعلا يقتضِي الكُفر، كفر السَّاحِر، وتُقبل توْبته إِذا تاب عندنا، واذا لم يكُن في سِحره ما يقتضِي الكُفر، عُزر، واستُتِيب. انتهى ما في "الفتح" (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجح عندي أن قتل الساحر مطلقًا هو الحقّ، إلا إذا ترتب على تركه مصلحة، كما ترك النبيّ - صلى اللَّه تعالى عليه وسلم - لبيد بن الأعصم، كما سيأتي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في حكم النُّشرة، وهي بضمّ النون، وسكون المعجمة-: حَلّ


(١) "زاد المعاذ" ٥/ ٦٢/ ٦٣.
(٢) بفتح الباء الموحّدة. وتخفيف الجيم.
(٣) "فتح" ١١/ ٤٠١ - ٤٠٢. "كتاب الطبّ" رقم ٥٧٦٧.