(المسألة الثانية): في اختلاف أهل العلم في المرأة التي تستحقّ المتعة:
قال القرطبي أيضًا: واختلفوا في الضمير المتصل بقوله: {وَمَتِّعِوُهُنَّ} مَن المراد به من المطلّقات؟:
فقال ابن عبّاس، وابن عمر، وجابر بن زيد، والحسن، والشافعيّ، وأحمد، وعطاء، وإسحاق، وأصحاب الرأي: المتعة واجبة للمطلّقة قبل البناء والفرض، ومندوبة في حقّ غيرها.
وقال مالك، وأصحابه: المتعة مندوب إليها في كلّ مطلّقة، وإن دُخل بها، إلا في التي لم يُدخل بها، وقد فُرض لها، فحسبُها ما فُرض لها، ولا متعة لها. وقال أبو ثور: لها المتعة، ولكلّ مطلّقة.
وأجمع أهل العلم على أن التي لم يُفرض لها، ولم يُدخل بها لا شيء لها غيرُ المتعة.
وهذا الإجماع إنما هو في الحرّة، فأما الأمة إذا طُلّقت قبل الفرض والمسيس فالجمهور على أن لها المتعة. وقال الأوزاعيّ، والثوريّ: لا متعة لها؛ لأنها تكون لسيّدها، وهو لا يستحقّ مالًا في مقابلة تأذي مملوكته بالطلاق انتهى كلام القرطبيّ باختصار (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذهب إليه الجمهور من وجوب المتعة للأمة هو الأرجح؛ لعموم الآية. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في مقدار المتعة:
قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى-: قد اختلف الناس في هذا، فقال ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أدنى ما يُجزىء في المتعة ثلاثون درهمًا. وقال ابن عبّاس - رضي اللَّه تعالى عنهما -: أرفع المتعة خادمٌ، ثم كسوة، ثم نفقة. وقال عطاء: أوسطها الدرع، والخمار، والمِلْحفة. وقال أبو حنيفة: ذلك أدناها. وقال ابن مُحيريز: على صاحب الديوان ثلاثة دنانير، وعلى العبد المتعة. وقال الحسن: يُمتِّع كلٌّ بقدره، هذا بخادم، وهذا بأثواب، وهذا بثوب، وهذا بنفقة، وكذلك يقول مالك بن أنس، وهو مقتضى القرآن، فإن اللَّه سبحانه وتعالى لم يقدّرها، ولا حدّدها، وإنما قال:{وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}.
ومتّع الحسن بن عليّ بعشرين ألفًا، وزِقاق من عسل. ومتّع شُريحٌ بخمسمائة درهم. وقد قيل: إن حالة المرأة معتبرة أيضًا، قاله بعض الشافعيّة، قالوا: لو اعتبرنا حال