والبَكْرةُ، مثلُ الفتى والفتاة، والْقَلُوص كالجارية، هكذا حكاه جماعة منهم ابن السكيت، والأزهريّ، وابن جني، ثم قال الأزهريّ. هذا كلام العرب، ولكن لا يعرفه إلا خواصّ أهل العلم باللغة، ووقع في كلام الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى- في الوصية: لو قال: أعطوه بعيرًا لم يكن لهم أن يعطوه ناقة، فحمل البعير على الجمل، ووجهه أن الوصيّة مبنيّة على عرف الناس، لا على محتملات اللغة التي لا يعرفها إلا الخواصّ. وحكى في "كفاية المتحفّظ" معنى ما تقدّم، ثم قال: وإنما يقال: جمل، أو ناقة إذا أربعا، فأما قبل ذلك، فيقال: قَعُود، وبَكْرٌ، وبكرةٌ، وَقَلُوصٌ، وجمع البعير أبعرةٌ، وأباعرٌ، وبُعْرانٌ بالضمّ انتهى.
(يَسْتَلِمُ) أي يلمسه، يقال: استلم الحجر: إذا لمسه، إما بالقبلة، أو باليد، كاستلأمه. قاله في "القاموس". وقال الفيّوميّ: واستلأمت الحجر، قال ابن السّكِّيت: هَمَزَته العرب على غير قياس، والأصل استلمت؛ لأنه من السِّلَام، وهي الحجارة.
وقال ابن الأعرابيّ: الاستلام أصله مهموز، من المُلاءَمَة، وهي الاجتماع، وحكى الجوهريّ القولين انتهى (الرُّكْنَ) أي الحجر الأسود (بِمِحْجَنِهِ) زاد في "الكبرى" بهذا السند: "كراهية أن يصرف عنه الناس"، ولعل هذه الزيادة سقطت من نسخ "المجتبى"؛ لأن سند الكتابين واحد، ويقوّي ذلك كونها ثابتة في "صحيح مسلم" من رواية الحكم ابن موسى القنطريّ، عن شعيب بن إسحاق، بسند المصنّف.
و"المحجن" -بكسر الميم، وسكون الحاء المهملة، وفتح الجيم، وزان مِقْوَد-: خشبة في طرفها اعوجاج، مثلُ الصَّوْلَجان. قال ابن دريد: كلّ عُود معطوف الرأس، فهو مِحْجَنٌ، والجمع المحاجن. قاله الفيّوميّ.
وفي حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - الآتي في -١٦٠/ ٢٩٥٦ - :"كان يطوف على راحلته، فإذا انتهى إلى الركن أشار إليه". فيحمل ما دلّ عليه حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - المذكور في الباب، من استلامه بالمحجن على أنه كان قريبًا، وذلك لكونه آمنًا من إيذاء الناس، وأن ما دلّ عليه حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - من الإشارة إليه على أنه كان بعيدًا عنه؛ خشية إيذائهم. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): في درجته:
حديث عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها - هذا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه: