للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال أبو العبّاس القرطبيّ: "الأنماط" جمع نَمَطٍ، قال الخليل: هو ظِهَارة الفرش. وقال ابن دُريد: هو ما يُستر به الْهَوْدج، وهو في حديث عائشة ثوبٌ سترت به سَهْوتها، وهو القِرام أيضًا، كما جاء في حديث عائشة، وقد يكون من حرير وغيره، وقد يُسمّى نُمرةً في بعض طرق حديث عائشة، وقد عبّر عنه بالستر في حديثها، وهذا كلّه على أنها أسماء لمسمّى واحد انتهى (١).

(قُلْتُ: وَأنَّى لَنَا أَنْمَاطٌ؟) " أَنّى" بفتح الهمزة، وتشديد النون: استفهام عن الجهة، تقول: أَنّى يكون هذا: أي من أيّ وجه وطريق (٢) يوجد لنا أنماط؟. وقال القرطبيّ: قوله: "أنى لنا أنماطٌ؟ " استبعادٌ لذلك، ومعناه: من أين يكون لنا أنماطٌ؟ " انتهى.

(قَالَ) - صلى اللَّه عليه وسلم - (إِنَّهَا سَتَكُونُ") وفي رواية مسلم: "أما إنها ستكون"، و"تكون" هنا تامّة، أي ستحصل، وتوجد الأنماط فيما يأتي من الزمان. زاد في رواية مسلم من طريق سفيان، عن محمد بن المنكدر: "قال جابرٌ: وعند امرأتي نَمَطٌ، فأنا أقول: نَحِّيه عنّي، وتقول: قد قال رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إنها ستكون، فأدعها". ومعنى، "نحِّيه": أي أخرجيه من بيتي.

قال القرطبيّ: وقول جابر لامرأته: "نحّيه عنّي" فإنما كان ذلك كراهة له، مخافة التّرفّه في الدنيا، والميل إليها، لا لأنه حريرٌ؛ إذ ليس في الحديث ما يدلّ عليه، واستدلالها عليه بقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "أما إنها ستكون" هو استدلالٌ بتقرير النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - على اتخاذ الأنماط؛ لأنه لَمّا أخبر بأنها ستكون، ولم ينه عن اتخاذها، دلّ ذلك على جواز الاتخاذ انتهى (٣). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث جابر - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٨٣/ ٣٣٨٧ - وفي "الكبرى" ٩٣/ ٥٥٧٥. وأخرجه (خ) في "المناقب" ٣٦٣١ و"النكاح" ٥١٦١ (م) في "اللباس" ٢٠٨٣ (د) في "اللباس" ٤١٤٥ (ت) في "الأدب" ٢٧٧٤ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ١٣٧١٨. واللَّه تعالى أعلم.


(١) "المفهم" ٤/ ٤٠٣.
(٢) انظر "المصباح المنير" ١/ ٢٨.
(٣) "المفهم" ٥/ ٤٠٣ - ٤٠٤."كتاب اللباس".