للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نصف دينار وخمسه، وكانت الدراهم في الجاهليّة مختلفةٌ، فكان بعضها خفافًا، وهي الطبريّةُ، كلّ درهم منها أربعة دوانيق، وهي طَبَريّةُ الشام، وبعضها ثقالَا، كلُّ درهم ثمانية دوانيق، وكانت تُسمّى العَبْديّة، وقيل: البَغلِية، نسبة إلى ملك، يقال له: رأس البَغل، فجُمِع الخفيفُ والثقيلُ، وجُعِلا درهمين، متساوفي، فجاء كلُّ درهم ستة دوانيق. ويقال: إن عمر - رضي اللَّه عنه - هو الذي فعل ذلك؛ لأنه لَمّا أراد جِبَايةَ الْخَراج، طلب بالوزن الثقيل، فصَعُب على الرعيّة، وأراد الجمع بين المصالح، فطلب الْحُسّاب، فخلطوا الوزنين، واستخرجوا هذا الوزن. وقيل: كان بعض الدراهم وزن عشرين قيراطًا، وتسمّى وزن عشرةٍ، وبعضها وزن خمسة، وبعضها وزن اثني عشر، وتُسمّى وزنَ ستة، فَجَمَعُوا من الأوزان الثلاثة هذا الوزن، فكان ثُلُثَها، ويُسمّى وزنَ سبعة؛ لأنك إذا جمعت عشرة دراهم من كلّ صنف، كان الجميع أحدًا وعشرين مثقالًا، وثلثُ الجميع سبعةُ مثاقيل. انتهى. المقصود من كلام الفيّوميّ (١).

(قِرَاضًا عَلَى تَقْوَى اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالعَلَانِيَةِ، وَأَدَاءِ الأمَانَةِ، عَلَى أَنْ أَشْتَرِيَ بِهَا) أي بالعشرة الآف (مَا شِئْتُ مِنْهَا) الظاهر أن "ما" بدل من الضمير المجرور بالباء، أي بما شت من تلك الدراهم (كُلَّ) بالنصب على المفعولية، وهو مضاف إلى (مَا أَرَى أَنْ أَشْتَرِيَهُ، وَأَنْ أُصَرِّفَهَا، وَمَا شِئْتُ مِنْهَا فِيمَا أَرَى أَنْ أُصَرِّفَهَا فِيهِ، مِنْ صُنُوفِ التِّجَارَاتِ) أي من أنواع التجارات (وَأَخْرُجَ بِمَا شِئْتُ مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُ) أي أخرج إلى البلدان النائية بمبلغ من تلك الدارهم (وَأَبِيعَ مَا أَرَى أَنْ أَبيعَهُ مِمَّا أَشْتَرِيهِ بِنَقْدٍ) بفتح، فسكون: خلاف النسيئة (رَأَيْتُ أَمْ بنَسِيئَةٍ) أي بتأجيل ثمن (وَبِعَيْنٍ) أي بالدراهم، والدنانير، وهو خلاف العرض (رَأَيْتُ أَمْ بِعَرْضٍ) بفتح، فسكون، قال الفيّوميّ: العرضُ المتاع، قالوا: والدراهم، والدنانير عينٌ، وما سواهما عَرْضٌ، والجمع عُرُوض، مثلُ فلس وفُلُوس. وقال أبو عُبيد: الْعُرُوض: الأمتعة التي لا يدخلها كيلٌ، ولا وزنٌ، ولا تكون حيوانًا، ولا عَقَارًا. انتهى.

(عَلَى أَنْ أَعْمَلَ فِي جمَيع ذَلِكَ كُلِّهِ برَأيِي وَأُوَكلَ فِي ذَلِكَ مَنْ رَأَيْتُ) أي من رأيته صالحًا للبيع والشراء (وَكُلُّ) مبتدأ، مضاَف إلى قوله (مَا رَزَقَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ) أي في العمل المذكور من البيع والشراء بالطرق المذكور (مِنْ فَضْلٍ وَرِبْحٍ) بيان لـ "ما" (بَعْدَ رَأْسِ الْمَالِ الَّذِي دَفَعْتَهُ المذكُورِ إِلَيَّ) جارّ ومجرورٌ متعلق بـ "دفعته"، وقوله: "المذكور معترض بيان العامل والمعمول، وهو صفة لـ "رأس المال"، وكذلك قوله (المُسَمَّى مَبْلَغُهُ في هَذَا


(١) "المصباح المنير" ١/ ١٩٣.