للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اللَّه تعالى- (١).

وقال ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى-: معنى شركة العنان أن يشترك رجلان بماليهما على أن يعملا فيهما بأبدانهما، والربحُ بينهما، وهي جائزة بالإجماع، ذكره ابن المنذر، وإنما اختُلِف في بعض شروطها، واختُلف في علّة تسميتها شركة العنان، فقيل: سُمّيت بذلك لأنهما يتساويان في المال والتصرف، كالفارسين إذا سوّيا بين فرسيهما، وتساويا في السير، فإن عِنَانيهما يكونان سواءً. وقال الفراء: هي مشتقّة من عَنَّ الشيءُ إذا عَرَضَ، يقال: عنْت لي حاجةٌ: إذا عرضت، فسُمّيت الشركة بذلك؛ لأن كلّ واحد منهما عنّ له أن يُشارك صاحبه. وقيل: هي مشتقّة من المُعَانَنَة، وهي المعارضة، يقال: عانَنْتُ فلانًا: إذا عارضته بمثل ماله وأفعاله، فكلّ واحد من الشريكين مُعارضٌ لصاحبه بماله وفِعاله. وهذا يرجع إلى قول الفرّاء. انتهى كلام ابن قدامة -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

وتقييده بالثلاثة ليس لنفي ما عداه، بل لبيان أنه كما يجوز أن يشترك اثنان، كذلك يجوز أن يكونوا أكثر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

((٣) - هَذَا مَا اشْتَرَكَ عَلَيْهِ فُلَانٌ, وَفُلَانٌ, وَفُلَانٌ, فِي صِحَّةِ عُقُولِهِمْ, وَجَوَازِ أَمْرِهِمُ, اشْتَرَكُوا شَرِكَةَ عِنَانٍ, لَا شَرِكَةَ مُفَاوَضَةٍ بَيْنَهُمْ, فِي ثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ, وُضْحًا جِيَادًا, وَزْنَ سَبْعَةٍ, لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَشْرَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ, خَلَطُوهَا جَمِيعًا, فَصَارَتْ هَذِهِ الثَّلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ, فِي أَيْدِيهِمْ مَخْلُوطَةً, بِشَرِكَةٍ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا, عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا فِيهِ بِتَقْوَى اللَّهِ, وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ, مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ, إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ, وَيَشْتَرُونَ جَمِيعًا بِذَلِكَ, وَبِمَا رَأَوْا مِنْهُ اشْتِرَاءَهُ بِالنَّقْدِ, وَيَشْتَرُونَ بِالنَّسِيئَةِ عَلَيْهِ, مَا رَأَوْا أَنْ يَشْتَرُوا مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ, وَأَنْ يَشْتَرِىَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حِدَتِهِ, دُونَ صَاحِبِهِ بِذَلِكَ, وَبِمَا رَأَى مِنْهُ, مَا رَأَى اشْتِرَاءَهُ مِنْهُ بِالنَّقْدِ, وَبِمَا رَأَى اشْتِرَاءَهُ عَلَيْهِ بِالنَّسِيئَةِ, يَعْمَلُونَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُجْتَمِعِينَ, بِمَا رَأَوْا, وَيَعْمَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُنْفَرِدًا بِهِ, دُونَ صَاحِبِهِ بِمَا رَأَى, جَائِزًا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ, فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَلَى نَفْسِهِ, وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ, فِيمَا اجْتَمَعُوا عَلَيْهِ, وَفِيمَا انْفَرَدُوا بِهِ مِنْ ذَلِكَ, كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ دُونَ الآخَرَيْنِ, فَمَا لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي ذَلِكَ, مِنْ قَلِيلٍ, وَمِنْ كَثِيرٍ, فَهُوَ لَازِمٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْهِ, وَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ جَمِيعًا, وَمَا رَزَقَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ, مِنْ فَضْلٍ, وَرِبْحٍ, عَلَى رَأْسِ مَالِهِمُ الْمُسَمَّى مَبْلَغُهُ فِي هَذَا الْكِتَابِ, فَهُوَ بَيْنَهُمْ


(١) "لسان العرب" ١٣/ ٢٩٢ - ٢٩٣.
(٢) "المغني" ٧/ ١٢٣.
(٣) يوجد في النسخ المطبوعة هنا: ما نصّه: (شَرِكَةُ عِنَانٍ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ"، ولا يوجد في النسخة الهنديّة، وهو الصواب؛ لأنه تكرار محض، فتنبّه.