للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عاشر رمضان، وقد شَهِدَ الشهرَ، وصام أيامًا في الحضر.

وأشار بهذه الترجمة إلى تضعيف ما روي عن عليّ - رضي اللَّه عنه -؛ وإلى ردّ ما روي عن غيره في ذلك، قال ابن المنذر -رحمه اللَّه تعالى-: رُوي عن عليّ بإسناد ضعيف، وقال به عَبِيدة بن عمرو، وأبو مِجْلَز، وغيرهما، ونقله النوويّ عن أبي مجلز وحده، ووقع في بعض الشروح أبو عبيدة، وهو وَهَمٌ، قالوا: إنّ من استهلّ عليه رمضان في الحضر ثم سافر بعد ذلك، فليس له أن يفطر؛ لقوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}، قال: وقال أكثر أهل العلم: لا فرق بينه وبين من استهلّ عليه رمضان في السفر، ثم ساق ابن المنذر بإسناد صحيح عن ابن عمر، قال: قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} نسخها قوله تعالى: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ} الآية. ثم احتجّ للجمهور بحديث ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - المذكور في هذا الباب. قاله في "الفتح" (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

٢٣١٤ - (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُفَضَّلٌ, عَنْ مَنْصُورٍ, عَنْ مُجَاهِدٍ, عَنْ طَاوُسٍ, عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ, قَالَ: سَافَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَصَامَ حَتَّى بَلَغَ عُسْفَانَ, ثُمَّ دَعَا بِإِنَاءٍ, فَشَرِبَ نَهَارًا, لِيَرَاهُ النَّاسُ, ثُمَّ أَفْطَرَ حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ, فَافْتَتَحَ مَكَّةَ فِي رَمَضَانَ, قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَصَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ, فَمَنْ شَاءَ صَامَ, وَمَنْ شَاءَ أَفْطَرَ).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وكلهم تقدّموا غيرا مرّة. و"مفضل": هو ابن مُهلْهَل السعديّ الكوفي، ثقة ثبت نَبِيل عابد [٧] ٢٥/ ١٢٤٠.

و"منصور": هو ابن المعتمر.

وقول ابن عباس - رضي اللَّه عنهما - هذا هو الذي عليه الجمهور، وهو الحقّ.

قال النوويّ -رحمه اللَّه تعالى- عند الكلام على الحديث المذكور: ما نصّه: فيه دليل لمذهب الجمهور أن الصوم والفطر جائزان. وفيه أن المسافر له أن يصوم بعض رمضان، دون بعض، ولا يلزمه بصوم بعضه إتمامه، وقد غَلِطَ بعضُ العلماء في فهم هذا الحديث، فتوهّم أن الكديد، وكراع الغميم قريب من المدينة، وأن قوله: "فصام حتى بلغ الكديد، وكراع الغميم" كان في اليوم الذي خرج فيه من المدينة، فزعم أنه خرج من المدينة صائمًا، فلما بلغ كراع الغميم في يومه أفطر في النهار، واستدلّ به هذا


(١) -"فتح" ج ٤ ص ٦٩٠.