للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذمّ الزاني الكبير السنّ (ومنها): ذمّ الملك الكذاب (ومنها): أن مرتكبي المعاصي تتفاوت مراتبهم بحسب الدواعي الحاملة لهم على ارتكابها، فمن كان له داع يحمله، ويقهره على ارتكابها، كان أخف جُرْمًا ممن لا داعي له إلى ذلك، وهذا فضل عظيم من ربّ رحيم، حيث خفّف العقاب عن المغلوب المقهور، وأما من ليس كذلك، فإنه يعظم عقابه، حيث كان حامله على الارتكاب مجرّد الاستخاف بأمر اللَّه تعالى، وقلّة خوفه منه. {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

٢٥٧٦ - (أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ, عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ, عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, قَالَ: «أَرْبَعَةٌ يُبْغِضُهُمُ اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: الْبَيَّاعُ الْحَلاَّفُ, وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ, وَالشَّيْخُ الزَّانِي, وَالإِمَامُ الْجَائِرُ»).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد رجال الصحيح، غير شيخه "أبي داود" وهو سليمان بن سَيْف الحرّاني الثقة الحافظ [١١] ١٠٣/ ١٣٦ فإنه من أفراده.

و"عارم": هو محمد بن الفضل، أبو النعمان السَّدُوسي البصريّ الحجة الثبت [٩] ٤٦/ ١٧٢٨.

"وحمّاد": هو ابن زيد الإمام الحجة الثبت [٨] ٣/ ٣. و"عبيد اللَّه بن عمر": هو العمريّ المدنيّ الفقيه الثبت الحجّة [٥] ١٥/ ١٥.

وشرح الحديث يعلم مما قبله. وقوله: "البيّاع الحلاّف" فعّال للمبالغة، أي الرجل الكثير البيع الكثير الحلف؛ لينفّق سلعته بأيمانه الكاذبة.

وقوله: "والإمام الجائر": يحتمل أن يكون بمعنى: "الإمام الكذّاب"، في الحديث الماضي، وهو الملك الكذّاب. ويحتمل أن يكون أعمّ؛ لأن الجور هو الظلم، والميل عن الطريق، يقال: جار يجور جَوْرًا، من باب قال: إذا ظلم، أو مال عن الطريق. فيكون المعنى: الإمام الذي يميل عن الطريق المستقيم، فيظلم الناس، ويظلم نفسه، والاحتمال الأول أقوى. واللَّه تعالى أعلم.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا ٧٧/ ٢٥٧٦ - وفي "الكبرى" - ٢٣٥٧ وفي "الرجم" ١/ ٧١٣٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".