للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذكور أنّ كلّ واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بُعْدها منه، وعدم ضرورته إليها، وضعف دواعيها عنده، وإن كان لا يُعذَر أحد بذنب، لكن لما لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مُزعجة، ولا دواعي متعادة (١) أشبه إقدامهم عليها المعاندة، والاستخفاف بحقّ اللَّه تعالى، وقصد معصيته، لا لحاجة غيرها:

فإن الشيخ لكمال عقله، وتمام معرفته بطول ما مرّ عليه من الزمان، وضعف أسباب الجماع، والشهوة للنساء، واختلال دواعيه لذلك عنده ما يريحه من دواعي الحلال الذي هذا، ويخلي سرّه منه، فكيف بالزنا الحرام، وإنما دواعي ذلك الشباب، والحرارة الغريزية، وقلّة المعرفة، وغلبة الشهوة؛ لضعف العقل، وصغر السنّ.

وكذلك الإمام لا يَخشى من أحد من رعيّته، ولا يَحتاج إلى مداهنته، ومصانعته، فإن الإنسان إنما يُداهن، ويصانع بالكذب وشبهه من يَحذَره، ويخشى أذاه، ومعاتبته، أو يطلب عنده بذلك منزلة، أو منفعة، وهو غنيّ عن الكذب مطلقًا.

وكذلك العائل المستكبر قد عَدِمَ المال، وإنما سبب الفخر، والخيلاء، والتكبّر، والارتفاع على القرناء الثَّرْوَةُ في الدنيا؛ لكونه ظاهرًا فيها، وحاجات أهلها إليه، فإذا لم يكن عنده أسبابها، فلماذا يستكبر، ويحتقر غيره؟، فلم يبق فعله، وفعل الشيخ الزاني، والإمام الكاذب إلا لضرب من الاستخفاف بحق اللَّه تعالى (٢). ذكره النوويّ في "شرحه" وهو بمعنى كلام القرطبي. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): في درجته:

حديث أبي هريرة - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا أخرجه مسلم.

(المسألة الثانية): في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-٧٧/ ٢٥٧٥ - وفي "الكبرى" ٧٩/ ٢٣٥٦. وأخرجه (م) في "الإيمان" ١٠٧ (أحمد) في "باقي مسند المكثرين" ٧٣٩٣ و ٩٣١١ و ٩٨٦٦ و ٩٨٦٧. واللَّه تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

(منها): ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو بيان ذمّ الفقير المتكبّر (ومنها):


(١) - هكذا نسخة شرح النوويّ، ولعل الصواب "متعدّدة".
(٢) - "شرح مسلم للنوويّ" ج ٢ ص ٢٩٨ - ٣٠٠.