[فائدة]: قال ابن منظور -رحمه اللَّه تعالى-: الزَّهْو -بفتح، فسكون-: الكبر، والتِّيه، والْفَخْرُ، والعَظَمَة. قال أبو الْمُثَلَّم الْهُذَليّ [من المتقارب]:
ورجلٌ مَزْهُوّ بنفسِه: أي مُعْجبٌ، وبفلان زَهْوٌ: أي كبرٌ، ولا يقال: زَهَا، وزُهِي فلانٌ، فهو مزهوّ: إذا أُعجب بنفسه، وتكبّر. قال ابن سِيدَهْ: وقد زُهِي على لفظ ما لم يُسَمَّ فاعله، جزم به أبو زيد، وأحمد بن يحيى، وحكى ابن السِّكِّيت: زُهيتُ، وزَهَوْتُ. وللعرب أحرف لا يتكلّمون بها إلا على سبيل المفعول به، وإن كان بمعنى الفاعل، مثلُ زُهِيَ الرجلُ، وعُنِي بالأمر، ونُتِجَت الشاة، والناقة، وأشبَاهها، فإذا أمرت به قلت: لِتُزْهَ يا رجلٌ، وكذلك الأمر من كلّ فعل لم يُسمّ فاعله؛ لأنك إذا أمرت منه، فإنما تأمر في التحصيل غير الذي تخُاطبه أن يوقع به، وأمر الغائب لا يكون إلا باللام، كقولك: لِيَقُمْ زيدٌ. وفيه لغة أخرى، حكاها ابن دُريد زَهَا يزهو زَهْوًا: أي تكبّر انتهى كلام ابن منظور باختصار. واللَّه تعالى أعلم.
(وَالإمَامُ الْكَذَّابُ) وفي الرواية التالية: "والإمام الجائر". وفي رواية مسلم:"وملكٌ كذّاب".
قال القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- في "المفهم": وإنما غُلّظ العقاب على هؤلاء الثلاثة؛ لأن الحامل لهم على تلك المعاصي محض المعاندة، واستخفاف أمر تلك المعاصي التي اقتحموها؛ إذ لم يحملهم على ذلك حاملٌ حاجيّ، ولا دعتهم إليها ضرورة، كما يدعو من لم يكن مثلهم.
وبيان ذلك أن الشيخ لا حاجة، ولا داعية له تدعوه إلى الزنى؛ لضعف داعية النكاح في حقّه، ولكمال عقله، ولقرب أجله، إذ قد انتهى طرف عمره، ونحو ذلك الملك الكذّاب؛ إذ لا حاجة له إلى الكذب، فإنه يمكنه أن يُمَشِّي أغراضه بالصدق؛ فإن خاف من الصدق مفسدةً ورَّى. وأما العائل المستكبر، فاستحق ذلك لغلبة الكبر على نفسه؛ إذ لا سبب له من خارج يحمله على الكبر، فإن الكبر غالبًا إنما يكون بالمال، والْخَدَم، والجاه، وهو قد عَدِمَ ذلك كلّه، فلا موجب له إلا غلبة الكبر على نفسه، وقلّة مبالاته بتحريمه، وتوعُّد الشرع عليه، مع أنّ اللائق به، والمناسب لحاله الرّقّة، والتواضع؛ لفقره وعجزه. انتهى كلام القرطبيّ -رحمه اللَّه تعالى- (١). وهو كلام نفيس جدًّا.
وقال القاضي عياض -رحمه اللَّه تعالى-: وأما سبب تخصيصه - صلى اللَّه عليه وسلم - هؤلاء الثلاثة بالوعيد