للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ فِي "الفتح": ما حاصله: سئل قتادة، والحسن، عن رجل احتال عَلَى رجل، فأفلس؟ قالا: إن كَانَ مليا يوم احتال عليه، فليس له أن يرجع، وقيده أحمد بما إذا لم يعلم المحتال بإفلاس المحال عليه، وعن الحكم لا يرجع، إلا إذا مات المحال عليه، وعن الثوري يرجع بالموت، وأما بالفَلَس، فلا يرجع إلا بمحضر المحيل والمحال عليه. وَقَالَ أبو حنيفة: يرجع بالفلس مطلقا، سواء عاش، أو مات، ولا يرجع بغير الفلس. وَقَالَ مالك: لا يرجع إلا إن غره، كأن علم فَلَس المحال عليه، ولم يُعلمه بذلك. وَقَالَ الحسن، وشريح، وزفر: الحوالة كالكفالة، فيرجع عَلَى أيهما شاء، وبه يشعر إدخال البخاريّ أبواب الكفالة، فِي كتاب الحوالة.

وذهب الجمهور إلى عدم الرجوع مطلقا، واحتج الشافعيّ بأن معنى قول الرجل أحلته، وأبرأني، حَوَّلت حقه عني، وأثبته عَلَى غيري، وذَكَر أن محمد بن الحسن احتج لقوله، بحديث عثمان: أنه قَالَ فِي الحوالة، أو الكفالة: يرجع صاحبها, لا توى: أي لا هلاك عَلَى مسلم، قَالَ فسألته عن إسناده، فذكره عن رجل مجهول، عن آخر معروف، لكنه منقطع بينه وبين عثمان، فبطل الاحتجاج به منْ أوجه، قَالَ البيهقيّ: أشار الشافعيّ بذلك، إلى ما رواه شعبة، عن خُليد بن جعفر، عن معاوية بن قرة، عن عثمان، فالمجهول خليد، والانقطاع بين معاوية بن قرة وعثمان، وليس الْحَدِيث مع ذلك مرفوعا، وَقَدْ شك راويه، هل هو فِي الحوالة، أو الكفالة. انتهى "الفتح" ٥/ ٢٢٨ - ٢٢٩.

وَقَالَ الموفّق رحمه الله تعالى -بعد أن ذكر الشروط الماضية-: فإذا اجتمعت شروط الحوالة، برِئت ذمّة المحيل فِي قول عامّة الفقهاء، إلا ما يروى عن الحسن، أنه كَانَ لا يرى الحوالة براءة، إلا أن يبرئه، وعن زفر أنه قَالَ: لا تَنْقُلُ الحقَّ، وأجراها مجرى الضمان، وليس بصحيح؛ لأن الحوالة مشتقة منْ تحويل الحق، بخلاف الضمان، فإنه مشتق منْ ضم ذمة إلى ذمة، فعُلِّقَ عَلَى كل واحد مقتضاه، وما دل عليه لفظه.

إذا ثبت أن الحق انتقل، فمتى رضي بها المحتال، ولم يشترط اليسار، لم يعد الحق إلى المحيل أبدا، سواء أمكن استيفاء الحق، أو تعذر لمطل، أو فلس، أو موت، أو غير ذلك، هَذَا ظاهر كلام الخرقي، وبه قَالَ الليث، والشافعي، وأبو عبيد، وابن المنذر، وعن أحمد ما يدل عَلَى أنه إذا كَانَ المحال عليه مفلسا, ولم يعلم المحتال بذلك فله الرجوع، إلا أن يرضى بعد العلم، وبه قَالَ جماعة منْ أصحابنا، ونحوه قول مالك؛ لأن الفلس عيب فِي المحال عليه، فكان له الرجوع، كما لو اشترى سلعة فوجدها معيبة، ولأن المحيل غره، فكان له الرجوع، كما لو دلس المبيع، وَقَالَ