أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النِّساء: ٥٩] قَالَ نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيٍّ، بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَرِيَّةٍ) قَالَ فِي "الفتح": كذا ذكره مختصرًا، والمعنى نزلت فِي قصّة عبد الله بن حُذافة، والمقصود منها فِي قصّته قوله:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} الآية, وَقَدْ غفل الداوُدِي، عن هَذَا المُراد، فقال: هَذَا وهم عَلَى ابن عباس، فإِنَّ عند الله بن حُذافة، خرج عَلَى جيش، فغضب، فأوقد نارًا، وَقَالَ: اقتحِمُوها، فامْتنع بعض، وَهَمّ بعض أن يُفعل. قَالَ: فإِن كانت الآية نزلت قبلُ، فكيف يُخَصّ عند الله بن حُذافة بِالطَّاعةِ دُون غيره، وإِن كانت نزلت بعدُ فإِنَّما قِيل لهُم:"إِنَّما الطَّاعة فِي المعرُوف"، وما قِيل لهُم: لِم لم تُطِيعُوا؟ انتهى.
قَالَ الحافظ: وبِالحملِ الَّذِي قدمته يظهر المراد، وينتفي الإشْكال الَّذِي أبداه؛ لِأنَّهم تنازعُوا فِي امتِثال ما أمرهُم بِهِ، وسببه أنَّ الَّذين همُّوا أن يُطِيعُوهُ، وقفُوا عِند امتِثال الأمر بِالطَّاعةِ، والَّذِين امتنعُوا عارضهُ عِندهم الفِرار منْ النَّار، فناسب أن ينزِل فِي ذَلِكَ، ما يُرشِدهُم إِلى ما يَفْعلُونهُ عِند التنازُع، وهُو الرَّدّ إِلى الله وإلى رسُوله، أيّ إن تنازعتُم فِي جواز الشَّيْء، وعدم جوازه، فارْجِعُوا إِلى الكِتَاب والسُّنَّة (١). وسيأتي تمام البحث فِي قصّة عبد الله بن حُذافة رضي الله تعالى عنه بعد خمسة أبواب ٣٤/ ٤٢٠٦ إن شاء الله تعالى.
[تنبيه]: روى الطَّبَرِيّ فِي "تفسيرهِ": أنَّ هذِهِ الآية نزلت فِي قِصَّة جرت لِعَمَّارِ بن ياسِر، مع خالِد بن الولِيد، وكان خالِد أمِيرًا، فأجار عمَّارٌ رجُلاً، بِغيْرِ أمره، فتَخَاصَما، فنزلت. فيحتمل أن تكون الآية نزلت فِي القضيّتين. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عبّاس رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٨/ ٤١٩٧ - وفي "الكبرى" ٣٢/ ٧٨١٧. وأخرجه (خ) فِي "التفسير" ٤٥٨٤ (م) فِي "الإمارة" ٣٤١٦ (د) فِي "الجهاد" ٢٦٢٤ (ت) فِي "الجهاد" ١٦٧٢. والله تعالى أعلم.