مقامك منه؟، قال: نعم، فلما فرغ قال: احفظوا.
وفي الباب عن سمرة، قال أبو عيسى: حديث أنس هذا حديث حسن.
وقد رَوَى غير واحد عن همام مثل هذا، وروى وكيع هذا الحديث عن همام فوهم فيه، فقال: عن غالب، عن أنس، والصحيح عن أبي غالب. وقد رَوَى هذا الحديث عبد الوارث بن شعيد، وغير واحد، عن أبي غالب، مثل رواية همام، واختلفوا في اسم أبي غالب هذا، فقال بعضهم: يقال: اسمه نافع، ويقال: رافع، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا، وهو قول أحمد، وإسحاق انتهى.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: وهذا الإسناد صحيح، وأبو غالب وثقه ابن معين، وأبو حاتم، وغيرهما، فبان بهذا أن الحديث صحيح. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: في اختلاف أهل العلم في محلّ وقوف الإمام من الميت في حال الصلاة عليه:
قال الإمام ابن المنذر -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-: اختلفوا في موقف الإمام من الرجل والمرأة إذا صلى عليهما، فقالت طائفة: يقوم بحيال الصدر رجلًا كان، أو امراةً، هكذا قال أصحاب الرأي.
وقال الأوزاعيّ، وسعيد بن عبد العزيز: إذا كان رجلًا فقم بحذاء وسطه، وإن كانت امرأة فقم بحذاء منكبها. وقال الثوريّ: يقوم مما يلي صدر الرجل. وكان أبو ثور يقول: يقوم وسط الجنازة. وكان الحسن البصريّ لا يبالي أين يقوم من الرجل والمرأة.
وقد روينا عن النخعيّ ثلاث روايات: إحداها: أن يقوم من الرجل والمرأة وسطًا.
والثانية: أن يقوم عند صدر الرجل، ومنكب المرأة. والثالثة: أن يقوم عند صدر الرجل والمرأة.
وقالت طائفة: يقوم من المرأة وسطها، ومن الرجل عند صدره، هذا قول أحمد بن حنبل.
قال ابن المنذر: يقوم من المرأة وسطها، وعند رأس الرجل انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي رجّحه ابن المنذ -رَحِمَهُ اللَّهُ- هو الأرجح عندي؟ لصحة حديث أنس - رضي اللَّه عنه -، كما تقدّم قريبًا، وهو مذهب الشافعيّ، وداود، وابن حزم، -رحمهم اللَّه تعالى-.
قال العلّامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى- بعد حكاية المذاهب: قد عرفت أن الأدلة
(١) - "الأوسط" باختصار ج ٥ ص ٤١٨ - ٤١٩.