للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقَالَ أبو حنيفة: يعتبر قطع الحلقوم والمريء، وأحد الودجين. ولا خلاف فِي أن الأكمل قطع الأربعة: الحلقوم، والمريء، والودجين، فالحلقومُ: مَجْرَى النفس، والمريء: وهو مجرى الطعام والشراب، والودجين، وهما عرقان محيطان بالحلقوم؛ لأنه أسرع لخروج روح الحيوان، فيَخِفّ عليه، ويَخرُج منْ الخلاف، فيكون أولى، والأول يجزىء؛ لأنه قَطَعَ فِي محل الذبح ما لا تبقى الحياة مع قطعه، فأشبه ما لو قطع الأربعة. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه الله تعالى.

وَقَالَ الإمام البخاريّ رحمه الله تعالى ٥/ ٢٠٩٨:

"باب النحر، والذبح"، وَقَالَ ابن جريج، عن عطاء: لا ذبح، ولا نحر إلا فِي الْمَذْبحِ، والْمَنْحَر، قلت: أيُجزي ما يذبح، أن أنحره؟ قَالَ: نعم ذكر الله ذبح البقرة، فإن ذَبحَت شيئًا يُنحر جاز، والنحر أحبّ إلي، والذبح قطع الأوداج، قلت: فَيُخَلِّفُ الأوداجَ حَتَّى يَقطع النُّخاع؟ قَالَ: لا إِخال، وأخبرني نافع (١)، أن ابن عمر نهى عن النَّخْع (٢)، يقول: يقطع ما دون العظم، ثم يدع حَتَّى تموت. وقولُ الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً} الآية [البقرة: ٦٧]، وَقَالَ: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة: ٧١]، وَقَالَ سعيد، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: الذكاة فِي الحلق واللبة. وَقَالَ ابن عمر، وابن عباس، وأنس: إذا قطع الرأس فلا بأس. انتهى.

وَقَالَ فِي "الفتح" ١١/ ٧١ - ٧٢ - : قوله: وَقَالَ ابن جريج، عن عطاء الخ، وصله عبد الرزاق، عن ابن جريج مقطعا. وقوله: والذبح قطع الأوداج: جمع وَدَج -بفتح الدال المهملة، والجيم- وهو العِرْق الذي فِي الأَخدع، وهما عرقان، متقابلان، قيل: ليس لكل بهيمة غير ودجين فقط، وهما محيطان بالحلقوم، ففي الإتيان بصيغة الجمع


(١) القائل هو ابن جريج. قاله فِي "الفتح".
(٢) وقوله: النخع -بفتح النون، وسكون الخاء المعجمة- فسره فِي الخبر، بأنه قطع ما دون العظم، والنخاعُ عِرْق أبيض، فِي فقار الظهر إلى القلب، يقال له: خيط الرقبة. وَقَالَ الشافعيّ: النخع أن تذبح الشاة، ثم بكسر قفاها، منْ موضع المذبح، أو تضرب ليعجل قطع حركتها. وأخرج أبو عبيد فِي "الغريب" عن عمر: أنه نهى عن الفَرْس فِي الذبيحة، ثم حكى عن أبي عبيدة: أن الفرس هو النخع، يقال: فرست الشاة، ونخعتها، وذلك أن ينتهى بالذبح إلى النخاع، وهو عظم فِي الرقبة، قَالَ: ويقال أيضا: هو الذي يكون فِي فقار الصلب، شبية بالمخ، وهو متمل بالقفا، نهى أن يُنتَهى بالذبح إلى ذلك، قَالَ أبو عبيد: أما النخع فهو عَلَى ما قَالَ، وأما الفرس، فيقال: هو الكسر، وإنما نهى أن تكسر رتبة الذيحة، قبل أن تبرد، ويبين ذلك أن فِي الْحَدِيث: "ولا تعجلوا الأنفس، قبل أن تُزهق". قَالَ الحافظ: يعني فِي حديث عمر المذكور، وكذا ذكره الشافعيّ عن عمر. قاله فِي "الفتح" ١١/ ٧١ - ٧٢.