(يبلغوني) من الإبلاغ، أو من التبليغ. روي بتخفيف النون على حذف إحدى النونين، وروي بتشديدها على الإدغام. أفاده القاري رحمه الله تعالى (من أمتي) فيه تعميم أمته -صلى الله عليه وسلم- بهذا الفضل، فيدخل فيه الرجال، والنساء، والطائعون والعصاة (السلامَ) بالنصب على المفعولية. أي يبلغوني سلامَ من سلّم عليّ منهم، قليلاً كان أو كثيراً، وإن بعد مكانه، وتباعد زمانه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته:
حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه هذا صحيح.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:
(اعلم): أن هذا الحديث من أفراد المصنف رحمه الله تعالى، لم يخرجه من أصحاب الأصول غيره.
أخرجه هنا -٤٦/ ١٢٨٢ - وفي "الكبرى" -٨١/ ١٢٠٥ - وفي "الملائكة" عن عبد الوهاب بن عبد الحكم، عن معاذ بن معاذ -وعن محمود بن غيلان، عن وكيع-، وعبد الرّزّاق -وفي "عمل اليوم والليلة" عن سُويد بن نصر، عن ابن المبارك- وفي "الملائكة" من "الكبرى" عن محمد بن بشار، عن يحيى -وعن أبي بكر بن عليّ، عن يوسف بن مروان، عن فضل -ستتهم عن سفيان الثوري- وعن الفضل بن العبّاس بن إبراهيم، عن محبوب بن موسى، عن أبي إسحاق الفزاريّ، عن الأعمش -وسفيان- كلاهما عن عبد الله بن السائب، عنه.
وأخرجه أحمد ١/ ٣٨٧، و١/ ٤٤١، و١/ ٤٥٢ (والدارمي) ٢٧٧٧. والله تعالى أعلم.
المسألة الثالثة: في فوائده:
منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو بيان مشروعية السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه لا كراهة في إفراده من الصلاة، كما ادعاه بعضهم، وسيأتي قريياً تمام البحث فيه، إن شاء الله تعالى.
ومنها: الترغيب والحثّ على استكثار السلام على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
ومنها: بيان تعظيم الله سبحانه وتعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم- وإجلال منزلته الرفيعة، حيث سخّر ملائكته الكرام لتبليغ سلام من يسلّم عليه من أمته إليه، قال الله عزّ وجلّ:{وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا}[النساء: ١١٣].
ومنها: أن الملائكة أقسام، منهم من خصّ بنوع من الأعمال، كهؤلاء الذين يكثرون