قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: عدم الفرق هو الذي يظهر لي؛ لأن النهي كَانَ لحقه، فإذا أذن فقد زال المانع، وَقَدْ أخرجه المصنّف فِي الرواية التالية ٤٥٠٦ بلفظ:"لا يبيع الرجل عَلَى بيع أخيه، حَتَّى يبتاع، أو يذر". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): ظاهر قوله: "عَلَى بيع أخيه" اختصاص ذلك بالمسلم، وبه قَالَ الأوزاعيّ، وأبو عبيد بن حربويه، منْ الشافعيّة، وأصرح منْ ذلك رواية مسلم، منْ طريق العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- بلفظ:"لا يسوم المسلم عَلَى سوم المسلم، وَقَالَ الجمهور: لا فرق فِي ذلك بين المسلم والذميّ، وذكر الأخ خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له. أفاده فِي "الفتح" ٥/ ٨٨.
وَقَالَ فِي "الطرح" ٦/ ٧١ - بعدما ذكر خلاف أبي عبيد المذكور-: والصحيح خلافه؛ لأن هَذَا خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له. وَقَالَ ابن عبد البرّ: أجمع الفقهاء عَلَى أنه لا يجوز دخول المسلم عَلَى الذميّ فِي سومه، إلا الأوزاعيّ وحده، فإنه قَالَ: لا بأس به. انتهى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه؛ رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
و"إسحاق": هو ابن راهويه. و"أبو معاوية": هو محمّد بن خازم الضرير. و"عبيد الله": هو ابن عمر العمريّ.
وقوله: "حَتَّى يبتاع": أي يشتري، وهو غاية لما يُفهم أي لينتظر حَتَّى يبتاع، وإلا لا تستقيم الغاية، ثم هذه الغاية تؤيّد القول إن المراد بالبيع المغيّا هو الشراء، والسوم. قاله السنديّ.
قَالَ الجامع: حمل البيع هنا عَلَى الشراء خلاف ما عليه الجمهور، ولا داعي إليه؛ لأنه خلاف ظاهر اللفظ، بل الصواب ما عليه الجمهور، قَالَ فِي "الطرح" ٦/ ٦٩ - ٧٠: ذهب ابن حبيب منْ المالكيّة، وأبو عبيدة معمر بن المثنّى، وأبو عبيد القاسم بن سلّام، وأبو زيد الأنصاريّ إلى حمل البيع عَلَى بيع أخيه عَلَى الشراء عَلَى شراء أخيه؛ لأن العرب تقول: بعتُ بمعنى اشتريتُ، قالوا: لأنه لا يبيع أحد عَلَى بيع أحد فِي العادة.