فيشتركان فِي الإثم، ويقع ذلك بغير علم البائع، فيختص بذلك الناجش، وَقَدْ يختص به البائع، كمن يخبر بأنه اشترى سلعة بأكثر، مما اشترها به؛ ليغر غيره بذلك. انتهى.
وَقَالَ وليّ الدين رحمه الله تعالى: فسّره أصحابنا الشافعيّة بأن يزيد فِي ثمن السلعة، لا لرغبة فيها، بل ليخدع غيره، ويغرّه؛ ليزيد، ويشتريها، وكذا فسّره به الحنفيّة، والمالكيّة، والحنابلة، كما رأيته فِي "الهداية"، وكتاب ابن الحاجب، و"المحرّر" لابن تيميّة، وعبارة "الهداية": هو أن يزيد فِي الثمن، ولا يريد الشراء، ليرغّب غيره. وعبارة ابن الحاجب: هو أن يزيد ليغُرّ. وعبارة صاحب "المحرّر": إن النجش مزايدة منْ لا يريد الشراء، تغريرًا له. وقيّد الترمذيّ ذلك فِي "جامعه" بأن تكون الزيادة بأكثر مما يسوى، وكذا قيّده ابن عبد البرّ، وابن العربيّ بأن تكون الزيادة فوق ثمنها، وَقَالَ ابن العربيّ: إنه لو زاد فيها حَتَّى ينتهي إلى قيمتها، فهو مأجور بذلك، وكذا ذكر هَذَا التقييد ابن الرفعة منْ متأخري الشافعيّة. انتهى "طرح" ٦/ ٦. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما هَذَا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
[تنبيه]: قَالَ وليّ الدين رحمه الله تعالى: اتّفق عليه الشيخان، والنسائيّ، وابن ماجه منْ طريق مالك، ورواه النسائيّ أيضًا منْ رواية كثير بن فرقد، كلاهما عن نافع، وَقَالَ ابن عبد البرّ: هكذا رواه جماعة أصحاب مالك، وزاد فيه القعنبيّ: قَالَ: وأحسبه قَالَ: "وأن تُتلقّى السِّلَعُ حَتَّى يُهبط بها الأسواق"، ولم يذكر غيره هذه الزيادة. ورواه يعقوب بن إسماعيل بن محمّد، قاضي المدائن، قَالَ: أنا يحيى بن موسى، أنا عبد الله ابن نافع، حدثني مالك، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن التحبير، قَالَ: والتحبير أن يمدح الرجل سلعته بما ليس فيها". قَالَ ابن عبد البرّ: هكذا قَالَ: التحبير، وفسّره، ولم يتابع عَلَى هَذَا اللفظ، وإنما المعروف "النجش". انتهى. "طرح التثريب" ٦/ ٦١.
(المسألة الثالثة): فِي اختلاف أهل العلم فِي حكم النجش: