للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مختص بالناجش، إن لم يعلم به البائع، فإن واطأه عَلَى ذلك، أثما جميعًا، ولا خيار للمشترى، إن لم يكن منْ البائع مواطأة، وكدا إن كانت فِي الأصح؛ لأنه قصر فِي الاغترار، وعن مالك رواية أن البيع باطل، وجعل النهى عنه مقتضيا للفساد. انتهى.

وَقَالَ الإِمام البخاريّ رحمه الله تعالى فِي "صحيحه": "باب النجش، ومن قَالَ: لا يجوز ذلك البيع، وَقَالَ ابن أبي أوفى -رضي الله عنه-: "الناجش آكل ربًا، خائنٌ" وهو خِداع باطلٌ، لا يحلّ. قَالَ النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "الخديعة فِي النار" (١)، و"منْ عمل عملًا ليس عليه أمرنا، فهو ردّ (٢) ". ثم أورد حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما المذكور فِي الباب.

قَالَ فِي "الفتح": قوله: "ومن قَالَ: لا يجوز ذلك البيع": كأنه يشير إلى ما أخرجه عبد الرزاق، منْ طريق عمر بن عبد العزيز، أن عاملا له، باع سبيا، فَقَالَ له: لولا أني كنت أزيد، فأنفقه لكان كاسدا، فَقَالَ له عمر: هَذَا نجش، لا يحل، فبعث مناديا ينادي أن البيع مردود، وأن البيع لا يحل.

قَالَ ابن بطال: أجمع العلماء عَلَى أن الناجش عاص بفعله، واختلفوا فِي البيع، إذا وقع عَلَى ذلك، ونقل ابن المنذر، عن طائفة منْ أهل الْحَدِيث، فساد ذلك البيع، وهو قول أهل الظاهر، ورواية عن مالك، وهو المشهور عند الحنابلة، إذا كَانَ ذلك بمواطاة البائع، أو صنعه، والمشهور عند المالكية فِي مثل ذلك، ثبوت الخيار، وهو وجه للشافعية، قياسا عَلَى المصراة، والأصح عندهم صحة البيع، مع الإثم، وهو قول الحنفية.

وَقَالَ الرافعي: أطلق الشافعيّ فِي المختصر تعصية الناجش، وشرط فِي تعصية منْ باع عَلَى بيع أخيه، أن يكون عالمًا بالنهي، وأجاب الشارحون، بأن النجش خديعة، وتحريم الخديعة واضح لكل أحد، وإن لم يعلم هَذَا الْحَدِيث بخصوصه، بخلاف البيع عَلَى بيع أخيه، فقد لا يشترك فيه كل أحد.

واستشكل الرافعي الفرق بأن البيع عَلَى بيع أخيه إضرار، والإضرار يشترك فِي علم


(١) قَالَ فِي "الفتح": رويناه فِي "الكامل" لابن عدي، منْ حديث قيس بن سعد بن عبادة، قَالَ: لولا أني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "المكر والخديعة فِي النار"، لكنت منْ أمكر النَّاس، وإسناده لا بأس به، وأخرجه الطبراني فِي "الصغير" منْ حديث ابن مسعود، والحاكم فِي "المستدرك" منْ حديث أنس، وإسحاق بن راهويه فِي "مسنده" منْ حديث أبي هريرة، وفي إسناد كل منهما مقال، لكن مجموعهما، يدل عَلَى أن للمتن أصلًا، وَقَدْ رواه ابن المبارك فِي "البر والصلة" عن عوف، عن الحسن، قَالَ: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قَالَ، فذكره. انتهى "فتح" ٥/ ٩١.
(٢) متَّفقٌ عليه.