للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تظهر صريحًا، هل هي من كلام عبادة، والمعنى أنه سمع الحديث من النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وسمع مراجعة عائشة، أو من كلام أنس بأن يكون حضر ذلك، فقد وقع في رواية حميد التي أشرت إليها بلفظ: "فقلنا يا رسول اللَّه"، فيكون أسند القول إلى جماعة، وإن كان المباشر له واحدًا، وهي عائشة، وكذا وقع في رواية عبدالرحمن بن أبي ليلى التي أشرت إليها، وفيها: "فأكبّ القومُ يبكون، وقالوا: إنا نكره الموت، قال: ليس ذلك". ولابن أبي شيبة من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة نحو حديث الباب، وفيه "قيل: يا رسول اللَّه ما منّا من أحد إلا وهو يكره الموت، فقال: إذا كان ذلك كُشف له"، ويحتمل أيضًا أن يكون من كلام قتادة أرسله في رواية همام، ووصله في رواية سعيد بن أبي عروبة، عنه عن زُرارة، عن سعد بن هشام، عن عائشة، فيكون في رواية همّام إدراج، وهذا أرجح في نظري، فقد أخرجه مسلم عن هدّاب بن خالد، عن همام مقتصرًا على أصل الحديث، دون قوله: "فقالت عائشة الخ"، ثم أخرجه من رواية سعيد ابن أبي عروبة موصولاً تامّا، وكذا أخرجه هو وأحمد من رواية شعبة، والنسائيّ من رواية سليمان التيميّ، كلاهما عن قتادة، وكذا جاء عن أبي هريرة وغير واحد من الصحابة بدون المراجعة، وقد أخرجه الحسن بن سفيان، وأبو يعلى جميعًا عن هُدبة بن خالد تامّا، كما أخرجه البخاريّ عن حجاج، عن همام، وهُدْبةُ هو هدّاب شيخ مسلم،

فكأن مسلما حذف الزيادة عمدًا، لكونها مرسلة من هذا الوجه، واكتفى بإيرادها موصولة من طريق سعيد بن أبي عروبة، وقد رمز البخاريّ إلى ذلك حيث علق رواية شعبة بقوله: "اختصره الخ"، وكذا أشار إلى رواية سعيد تعليقًا، وهذا من العلل الخفيّة جدّا انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- (١).

وقوله: "كراهيةُ لقاء اللَّه كراهية الموت؟ " مبتدأ وخبر بتقدير أداة الاستفهام. وقوله: "كلنا نكره الموت" جملة مستأنفة بَيَّن بها سبب الاستفهام، أي إنما استفهمتُ عن معنى كراهية لقاء اللَّه خوفا من أن ندخل فيها هذه، حيث إننا نكره الموت.

وقوله: "ذاك عند موته" إشارة إلى المذكور من محبة لقاء اللَّه تعالى، وكراهيته، يعني أن كراهية لقاء اللَّه تعالى ليس مطلقا، بل هو في وقت معيّن، وذلك عند موته، ومعاينته ما أعدّ له، من عظيم الثواب، وأليم العقاب.

وقوله: "إذا بُشّر برحمة اللَّه الخ"، وفي رواية البخاريّ: "بُشر برضوان اللَّه وكرامته"، وفي رواية مسلم: "بشر برحمة اللَّه ورضوانه وجنته"، وفي حديث حميد،


(١) - راجع "الفتح" ج ١٣ ص ١٦٤.