الاختيار، مثل: ليس لها أن تصوم، وزوجها حاضر إلا بإذنه، فإن فعلت جاز صومها، وإن خرجت بغير إذنه، فباعت، جاز بيعها، وقد أعتقت ميمونة - رضي اللَّه عنها - قبل أن يعلم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، فلم يَعِب ذلك عليها، فدلّ هذا مع غيره على أن الحديث إن ثبت فهو محمول على الأدب والاختيار.
وقال البيهقيّ: إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شُعيب صحيح، فمن أثبت عمرو بن شعيب لزمه إثبات هذا، إلا أن الأحاديث المعارضة له أصحّ إسنادًا، وفيها وفي الآيات التي احتجّ بها الشافعيّ دلالة على نفوذ تصرّفها في مالها دون الزوج، فيكون حديث عمرو بن شعيب محمولًا على الأدب والاختيار، كما أشار إليه الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن معمر": هو البحرانيّ القيسيّ البصريّ. و"حبّان" -بفتح الحاء المهملة، وتشديد الموحّدة-: وابن هلال البصريّ. و"إبراهيم ابن يونس بن محمد": هو البغداديّ، نزيل طَرَسوس، صدوقٌ [١١] ٥٤/ ١٧٥٣ من أفراد المصنّف. و"أبوه": هو يونس بن محمد البغداديّ المؤدّب، ثقة ثبت، من صغار [٩] ١٥/ ١٦٣٢.
و"حبيب المعلّم"، أبو محمد البصريّ، مولى مَعقِل بن يسار، وهو حبيب بن أبي قُرَيبة، واسمه زائدة، ويقال: حبيب بن زيد، ويقال: ابن أبي بَقِيّة، صدوقٌ [٦].
قال عمرو بن عليّ: كان يحيى لا يُحدّث عنه، وكان عبد الرحمن يُحدّث عنه. وقال أحمد: ما أصحّ حديثه. وقال أحمد، وابن معين، وأبو زرعة: ثقة. وقال النسائيّ: ليس بالقويّ. وذكره ابن حبّان في "الثقات"، وقال: مات سنة (١٣٠). روى له الجماعة، وله عند المصنّف في هذا الكتاب هذا الحديث فقط.
والحديث صحيح. وقد تقدّم في "كتاب الزكاة" -٥٨/ ٢٥٤٠ - "عطيّة المرأة بغير إذن زوجها"، وتقدّم هناك شرحه، وتخريجه، فراجعه تستفد. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.