لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}، وحينئذ فلا وضع أصلًا، وبالجملة، فهذا الْحَدِيث دليل لمن يقول بعدم الوضع، والله تعالى أعلم. انتهى.
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قد عرفت فيما سبق أن هَذَا الْحَدِيث محمول عَلَى أنها تلفت بعد أوان الجذاذ، وتفريط المشتري فِي تركها بعد ذلك عَلَى الشجر، فإنها حينئذ تكون منْ ضمان المشتري، وليس له حقّ فِي الوضع، فلا يكون الْحَدِيث معارضًا لتلك الأحاديث الكثيرة الموجبة وضع الجوائح، وعلى تقدير عدم حمله عَلَى هذه الصورة، فتلك الأحاديث ترجّح عليه؛ لقوّتها.
[تنبيه]: زاد المصنّف رحمه الله تعالى فِي "الكبرى" بعد إيراده حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- هَذَا: ما نصّه: قَالَ أبو عبد الرحمن: هَذَا أصلح منْ حديث سليمان بن عَتِيق. انتهى.
وأشار به إلى ما تقدم منْ الكلام فِي سليمان بن عتيق، فقد ضعّفه بعضهم، إلا أن مسلمًا أخرج له الْحَدِيث المذكور، وغيره، كما سبق بيانه، ويشهد لحديثه حديث أنس -رضي الله عنه- المتقدِّم فِي الباب الماضي، وحديثا جابر -رضي الله عنه- المذكوران فِي هَذَا الباب. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الْحَدِيث:
(المسألة الأولى): فِي درجته:
حديث أبي سعيد الخدريّ -رضي الله عنه- هَذَا أخرجه مسلم.
(المسألة الثانية): فِي بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:
أخرجه هنا -٢٩/ ٤٥٣٢ و٩٥/ ٤٦٨٠ - وفي "الكبرى" ٢٨/ ٦١٢١ و٩٦/ ٦٢٧٤.
وأخرجه (م) فِي "البيوع" ١٥٥٦ (د) فِي "البيوع" ٣٤٦٩ (ت) فِي "الزكاة" ٦٥٥ (ق) فِي "الأحكام" ٢٣٥٦ (أحمد) فِي "باقي مسند المكثرين" ١٠٩٢٤ و١١١٥٧. والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): فِي فوائده:
(منها): بيان ما كَانَ عليه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- منْ الرأفة، والرحمة بأمته، حيث يهتمّ بتدبير شؤونهم، فيقوم بمساعدة الفقراء، والمحتاجين، إذا كَانَ عنده شيء منْ المال، وإلا أمر أصحابه المياسير -رضي الله عنهم- أن يساعدوهم حَتَّى يقضوا ديونهم، ويسدّوا حاجاتهم. (ومنها): التعاون عَلَى البرّ، والتقوى، ومواساة المحتاج، ومن عليه دين، والحثّ عَلَى الصدقة. (ومنها): جواز المسألة لمن أصاب ماله جائحة، بقدر ما يؤدّي به دينه، ويسدّ حاجته. (ومنها): أن المعسر لا تحلّ مطالبته، ولا ملازمته، ولا سَجْنه، وبه قَالَ الشافعيّ،