الشافعي، وأصحابه، والجمهور، ودليلهم الأحاديث العامّة الواردة في ندب مطلق الرواتب، وحديث صلاته - صلى اللَّه عليه وسلم - الضحى في يوم الفتح، وركعتي الصبح حين ناموا حتى طلعت الشمس، وأحاديث أخر صحيحة، ذكرها أصحاب السنن" والقياس على النوافل المطلقة انتهى.
وقال الإمام ابن القيّم -رحمه اللَّه تعالى-: كان من هديه - صلى اللَّه عليه وسلم - الاقتصار على الفرض، ولم يُحفظ عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه صلى سنة الصلاة قبلها, ولا بعدها، إلا ما كان من الوتر، وسنة الفجر، فإنه لم يكن ليدعهما حضرًا, ولا سفرًا، قال: وأما ابن عمر فكان لا يتطوع قبل الفريضة، ولا بعدها، إلا من جوف الليل مع الوتر، وهذا هو الظاهر من هدي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان لا يصلي قبل الفريضة المقصورة، ولا بعدها شيئًا, ولم يكن يمنع من التطوع قبلها, ولا بعدها، فهو كالتطوع المطلق، لا أنه سنة راتبة للصلاة كسنة صلاة الإقامة، ويؤيد هذا أن الرباعية قد خففت إلى ركعتين تخفيفًا على المسافر، فكيف يُجعل لها سنة راتبة يُحافظ عليها، وقد خفف الفرض ركعتين، فلولا قصد التخفيف على المسافر، وإلا كان التمام أولى به.
وقال أيضًا:، كان أي النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كل يواظب على سنة الفجر، والوتر أشد من جميع النوافل، دون سائر السنن, ولم ينقل أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - صلى سنة راتبة غيرهما, ولذلك كان ابن عمر لا يزيد على ركعتين، وسئل عن سنة الظهر في السفر؟ فقال: لو كنت مسبحًا لأتممت، وهذا من فقهه - رضي اللَّه عنه -، فإن اللَّه -سبحانه وتعالى- خفف عن المسافر في الرباعية شطرها، فلو شرع لها الركعتان قبلها، أو بعدها لكان الإتمام أولى به انتهى (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبين بما ذُكر أن النفل المطلق ثابت عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - في السفر، وكذا الوتر، ومن السنن الراتبة سنة الصبح، وما عدا ذلك، فأحاديثه متكلم فيها، وإن ثبتت فتحمل على أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - فعلها لبيان الجواز، فالأولى للمسافر أن يلازم ما لازمه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، وما عداه فعله في بعض الأحيان. هذا ما عندي، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".