مثله في النقد؟ وإذا تقرر ذلك ظهر أن الذي يتبادر إلى الذهن من أن مذهب النسائي في الرجال مذهب متسع ليس كذلك، فكم من رجل أخرج له أبو داود، والترمذي تجنب النسائي إخراجَ حديثه، بل تجنب إخراج حديث جماعة من رجال الصحيحين.
قال الجامع عفا الله عنه:
هذا الذي نقله ابن الصلاح عن ابن منده عن محمَّد بن سعد من أن
مذهب النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه، وتشبيه ابن منده عمله بعمل أبي داود غير صحيح لمخالفته صنيعه في سننه، بل الصحيح ما تقدم عن سعد بن علي الزنجاني، ووافقه عليه الذهبي فإن من تتبع عمله في سننه يظهر له ذلك، فالنسائي أشد انتقاء بخلاف أبي داود. والله أعلم.
وكَتَبَ السيوطي رحمه الله في مقدمة شرحه لهذا الكتاب المسمى بزهر الربى على المجتبى، ما نصه:
قال الحافظ أبو الفضل بن طاهر في شروط الأئمة: كتاب أبي داود والنسائي ينقسم على ثلاثة أقسام:
الأول: الصحيح المخرج في الصحيحين.
الثاني: صحيح على شرطهما، وقد حكى أبو عبد الله بن منده: أن شرطهما إخراج أحاديث أقوام لم يجمع على تركهم إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع، ولا إرسال فيكون هذا القسم من الصحيح إلا أنه طريق دون طريق ما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما، بل طريقه طريق ما ترك البخاري ومسلم من الصحيح لما بينا أنهما تركا كثيرا من الصحيح الذي حفظاه.