للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الثالث: أحاديث أخرجاها من غير قطع منهما بصحتها، وقد أبانا علتها بما يفهمه أهل المعرفة، وإنما أودعا هذا القسم في كتابيهما لأنه رواية قوم لها (١) واحتجاجهم بها فأورداها وبينا سقمها لتزول الشبهة، وذلك إذا لم يجدا له طريقا غيره لأنه عندهما أقوى من رأي الرجال.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الكلام فيه نظر لأن أوله يدل على أنهما ما أوردا تلك الأحاديث إلا لبيان عللها، وآخره يدل على أنهما أورداها للاحتجاج بها حيث قال: إنها أقوى عندهما من رأي الرجال، وهذا تناقض، وأيضا فإن هذا الكلام لا يستقيم مع عمل النسائي إلا إذا أراد السنن الكبرى.

وقال ابن الصلاح: حكى أبو عبد الله بن منده أنه سمع محمَّد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه. قال الحافظ أبو الفضل العراقي: وهذا مذهب متسع (٢). قال الحافظ أبو الفضل ابن حجر في نكته على ابن الصلاح: ما حكاه عن الباوردي أن النسائي يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه، فإنه أراد بذلك إجماعا خاصا، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط: فمن الأولى شعبة وسفيان إلى آخر ما قدمناه في كلام الحافظ.

وقال أحمد بن محبوب الرملي: سمعت النسائي يقول: لما عزمت على جمع السنن استخرت الله تعالى في الرواية عن شيوخ كان في القلب


(١) كذا النسخة، ولعل الصواب لأجل رواية قوم .. إلخ.
(٢) قلت: بل هو كما قاله الحافظ من أن المراد إجماع خاص، وليس كما يتبادر إلى الذهن، هذا كله إن صح هذا المذهب منسوبا إلى النسائي، وإلا فعمله في سننه لا يتمشى عليه، ولا سيما المجتبى، بل ما نقل عنه الآتي قريبا ينافيه، فليس مذهبه مذهب تساهل بل هو لا يزال متشددا، ولا سيما في المجتبى، فتنبه.