للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منهم بعض الشيء فوقعت الخيرة على تركهم فتركت جملة من الحديث كنت أعلو فيها عنهم. قال الحافظ أبو طالب أحمد بن نصر شيخ الدارقطني: مَن يَصبرُ على ما يَصبر عليه النسائي؟ كان عنده حديث ابن لهيعة ترجمة ترجمة فما حدث عنه بشيء. قال الحافظ ابن حجر: وكان عنده عاليا عن قتيبة عنه، ولم يحدث به لا في السنن ولا في غيرها.

وقال أبو جعفر بن الزبير: أولى ما أرشدُ إليه ما اتفق المسلمون على اعتماده: وذلك الكتب الخمسة، والموطأ الذي تقدمها وضعا، ولم يتأخر عنها رتبة، وقد اختلف مقاصدهم فيها، وللصحيحين فيها شفوف، وللبخاري لمن أراد التفقه مقاصد جميلة، ولأبي داود في حصر أحاديث الأحكام واستيعابها ما ليس لغيره، وللترمذي في فنون الصناعة الحديثية ما لم يشاركه غيره، وقد سلك النسائي أغمض تلك

المسالك وأجلها.

وقال الحسن المعافري: إذا نظرت إلى ما يخرجه أهل الحديث فما خرجه النسائي أقرب إلى الصحة مما خرجه غيره. وقال الإمام أبو عبد الله بن رُشَيد: كتاب النسائي أبدع الكتب المصنفة في السنن تصنيفا، وأحسنها ترصيفا، وكان كتابه جامعا بين طريقي البخاري ومسلم، مع حظ كثير من بيان العلل.

وبالجملة فكتاب السنن أقل الكتب بعد الصحيحين حديثًا ضعيفًا، ورجلا مجروحًا (١) ويقاربه كتاب أبي داود، وكتاب الترمذي، ويقابله من الطرف الآخر كتاب ابن ماجه فإنه تفرد فيه بإخراج أحاديث عن رجال متهمين بالكذب وسرقة الأحاديث، وبعض تلك الأحاديث لا تعرف إلا من جهتهم، مثل حَبيب بن أبي حَبيب كاتب مالك، والعلاء بن زيد،


(١) وسيأتي في كلام السخاوي، أنه إنما أخروه عن أبي داود والترمذي لتأخره عنهما وفاة.