- رضي اللَّه عنه - بلفظ:"إذا نام أحدكم عُقِد على رأسه بجرير"، ولابن خزيمة، وابن حبان من حديث جابر - رضي اللَّه عنه -، مرفوعًا:"ما من ذَكَر، ولا أنثى إلا على رأسه جَرير معقود حين يرقُد … " الحديث. وفي "الثواب" لآدم بن أبي إياس من مرسل الحسن نحوه. و"الجرير" بفتح الجيم: هو الحبل. وفَهِمَ بعضهم من هذا أن العُقَدَ لازمة، ويردّه التصريح بأنها تنحلّ بالصلاة، فيلزم إعادة عَقْدها، فأبهم فاعله في حديث جابر، وفسّر في حديث غيره.
وقيل: هو على المجاز كأنه شُبّه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور، فلما كان الساحر يمنع بعقده ذلك التصرّف مَن يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان للنائم.
وقيل: المراد به عقد القلب، وتصميمه على الشيء، كأنه يوسوس له بأنه بقي من الليلة قطعة طويلة، فيتأخّر عن القيام، وانحلال العُقَد كناية عن علمه بكذبه فيما وسوس به.
وقيل: العقد كناية عن تثبيط الشيطان للنائم بالقول المذكور، ومنه عَقَدت فلانًا عن امرأته، أي منعته عنها، أو عن تثقيله عليه النوم، كأنه قد شدّ عليه شدادا. وقال بعضهم: المراد بالعُقَد الثلاث الأكل، والشرب، والنوم, لأن من أكثر الأكل والشرب كثُر نومه. واستبعده المحبّ الطبريّ لأن الحديث يقتضي أن العُقَد تقع عند النوم، فهي غيره.
قال القرطبي: الحكمة في الاقتصار على الثلاث أن أغلب ما يكون انتباه الإنسان في السَّحَر، فإن اتفق له أن يرجع إلى النوم ثلاث مرّات لم تنقَض النومة الثالثة إلا وقد ذهب الليل.
وقال البيضاويّ: التقييد بالثلاث إما للتأكيد، أو لأنه يريد أن يقطعه عن ثلاثة أشياء، الذكر، والوضوء، والصلاة، فكأنه مُنع كلّ واحدة منها بعقدة عقدها على رأسه، وكأن تخصيص القفا بذلك لكونه محل الوهم، ومجال تصرّفه، وهو أطوع القوى للشيطان، وأسرعها إجابة لدعوته.
وفي كلام الشيخ الملويّ أن العقد يقع على خِزَانة الالهيات من الحافظة، وهي الكنز المحصّل من القوى، ومنها يتناول القلب ما يريد التذكر به انتهى "فتح"(١).
(أَي ارْقُدْ) هكذا في رواية المصنّف بـ "أي" التفسيرية، وفي رواية الشيخين:"فارقد" بالفاء (فَإِنِ اسْتَيْقَظَ) أي من نومه (فَذَكَرَ اللَّهَ) قال في "الفتح": لا يتعين للذكر شيء مخصوص لا يجزئ غيره، بل كلّ ما صدق عليه ذكر اللَّه أجزأ، ويدخل فيه تلاوة