للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرباعية مثلاً: إنها مثنى.

واستُدلّ بهذا على تعيّن الفضل بين كلّ ركعتين من صلاة الليل، قال ابن دقيق العيد: وهو ظاهر السياق، لحصر المبتدإ في الخبر، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل، لما صحّ من فعله - صلى اللَّه عليه وسلم - بخلافه، ولم يتعيّن أيضًا كونه لذلك، بل يحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخفّ، إذ السلام بين كلّ ركعتين أخفّ على المصلي من الأربع، فما فوقها, لما فيه من الراحة غالبًا، وقضاء ما يَعرض من أمر مهمّ، ولو كان الوصل لبيان الجواز فقط لم يواظب عليه النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ومن ادعى اختصاصه به، فعليه البيان، وقد صحّ عنه - صلى اللَّه عليه وسلم - الفضل، كما صحّ عنه الوصل، فعند أبي داود، ومحمد بن نصر من طريقي الأوزاعيّ وابن أبي ذئب، كلاهما عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة - رضي اللَّه عنه -: "أن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - كان يصلي ما بين أن يفرغ من العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلّم من كلّ ركعتين"، وإسنادهما على شرط الشيخين.

واستدلّ به أيضًا على عدم النقصان عن ركعتين في النافلة ما عدا الوتر. قال ابن دقيق العيد: والاستدلال به أقوى من الاستدلال بامتناع قصر الصبح في السفر إلى ركعة، يشير بذلك إلى الطحاويّ، فإنه استدلّ على منع التنفّل بركعة بذلك.

واستدلّ بعض الشافعيّة للجواز بعموم قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "الصلاة خير موضوع، فمن شاء استكثر، ومن شاء استقلّ". صححه ابن حبّان.

وقد اختلف السلف في الفصل والوصل في صلاة الليل أيهما أفضل، قال الأثرم عن أحمد: الذي أختاره في صلاة الليل مثنى مثنى، فإن صلى بالنهار أربعًا فلا بأس. وقال محمد بن نصر نحوه في صلاة الليل، قال: وقد صحّ عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أنه أوتر بخمس لم يجلس إلا في آخرها إلى غير ذلك من الأحاديث الدالّة على الوصل، إلا أنا نختار أن يسلّم من كلّ ركعتين، لكونه أجاب السائل، ولكون أحاديث الفضل أثبت، وأكثر طرقًا. وقد تضمّن كلامه الردّ على الداوديّ الشارح، ومن تبعه في دعواهم أنه لم يثبت عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - أنَّه صلى النافلة أكثر من ركعتين ركعتين انتهى (١).

(قَالَ: أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ) النسائيّ -رحمه اللَّه تعالى- (هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدِي خَطَأٌ. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ) محلّ الخطأ فيه زيادة "والنهار".

قال في "الفتح": ما حاصله: قد أعلّ أكثر أئمة الحديث هذه الزيادة بأن الحفّاظ من أصحاب ابن عمر لم يذكروها عنه، وحكم النسائيّ على راويها بأنه أخطأ فيها، وقال


(١) - (فتح) ج ٣ ص ١٦٢ - ١٦٣.