للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أبيه، وصحابيّ عن صحابيّ. واللَّه تعالى أعلم.

شرح الحديث

(عَن أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ) - رضي اللَّه تعالى عنه - (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، كَانَ يُوتِرُ بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ) أي بتسليمةَ واحدة، لما في الرواية الآتية: "ولا يُسلّم إلا في آخرهنّ". وفيه مشروعية الإيتار بثلاث ركعات وصلاً، وقد تقدّم في الباب الماضى ما قاله أهل العلم في ذلك، وأن الراجح كونها بتشهّد واحد في آخرها (كانَ يَقْرَأُ فِي الْأولَى بِـ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} أي بعد الفاتحة (وَفِي الثَّانِيَةِ بِـ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَفِي الثالِثَةِ بِـ {قُل هُوَ اَللهُ أَحَدٌ}، وَيَقْنُتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ) قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ظاهره القنوت في الوتر، نعم لا يدلّ هذا الحديث على كونه واجبًا في الوتر، واللَّه تعالى أعلم (فَإِذَا فَرَغَ، قَالَ: عِنْدَ فَرَاغِهِ) أي بعد التسليم، كما يأتي قريبًا (سُبْحَانَ المَلِكِ الْقُدُّوسِ) أي البالغ أقصى النزاهة عن كلّ وصف ليس فيه غاية الكمال المطلق. وقال الطيبيّ: هو الطاهر المنزّه عن العيوب والنقائص، وفعول من أبنية المبالغة. وزاد الدارقطنيّ، والبيهقيّ في روايتهما: "ربّ الملائكة والروح" (ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) أي يقوله ثلاث مرات، وفيه مشروعية التسبيح بهذه الصيغة بعد الفراغ من الوتر ثلاث مرات (يُطِيلُ فِي آخِرِهِنَّ) أي يرفع صوته بهذا التسبيح في المرة الثالثة.

والحديث فيه سنية الجهر بهذا الذكر في المرّة الثالثة، وهكذا كلّ ما ثبت عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - الجهر فيه، نعم الإسرار أفضل حيث لم يُنقل عنه الجهر فيه.

قال المظهر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هذا يدلّ على جواز الذكر برفع الصوت، بل على استحبابه إذا اجتنَبَ الرياء، إظهارًا للدين، وتعليمًا للسامعين، وإيقاظًا لهم من رقدة الغفلة، وايصالاً لبركة الذكر إلى مقدار ما يبلغ الصوت إليه من الحيوان، والشجر، والحجر، والمدر، وطلبًا لاقتداء الغير بالخير، وليشهد له كلّ رطب ويابس سمع صوته انتهى (١) .. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولة: في درجته: حديث أُبيّ بن كعب - رضي اللَّه تعالى عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا-٣٧/ ١٦٩ - وفي "الكبرى" ٦٠/ ١٤٣٢ - وفي عمل "اليوم والليلة" ٧٣٤


(١) - انظر "المرعاة" ج ٤ ص ٢٨٨.