الحفّاظ الأثبات، وقد أخرجها مسلم في "صحيحه"، فقال:
حدثنا واصل بن عبد الأعلى، حدثنا محمد بن فضيل، عن حُصين بن عبد الرحمن، عن حَبيب بن أبي ثابت، عن محمد بن علي بن عبد اللَّه بن عباس، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عباس، أنه رَقَد عند رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فاستيقظ، فتسوك، وتوضأ، وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ}[آل عمران: ١٩٠]، فقرأ هؤلاء الآيات، حتى ختم السورة، ثم قام، فصلى ركعتين، فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف، فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات، ست ركعات، كل ذلك يستاك، ويتوضأ، ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن، فخرج إلى الصلاة، وهو يقول:"اللَّهم اجعل في قلبي نورا، وفي لساني نورا، واجعل في سمعي نورا، واجعل في بصري نورا، واجعل من خلفي نورا، ومن أمامي نورا، واجعل من فوقي نورا، ومن تحتي نورا، اللهم أعطني نورا".
فقال النوويّ في شرحه: هذه الرواية فيها مخالفة لباقي الروايات في تخليل النوم بين الركعات، وفي عدد الركعات، فإنه لم يُذكر في باقي الروايات تخلّلُ النوم، وذكر الركعات ثلاث عشرة.
وقال القاضي عياض: هذه الرواية، وهي رواية حصين, عن حبيب بن أبي ثابت مما استدركه الدارقطنيّ على مسلم، لاضطرابها، واختلاف الرواة، قال الدارقطنيّ: ورُوي عنه على سبعة أوجه، وخالف فيه الجمهور.
قال النوويّ: قلت: ولا يقدح هذا في مسلم، فإنه لم يذكر هذه الرواية متأصّلة مستقلّة، إنما ذكرها متابعة، والمتابعات يُحتَمل فيها ما لا يُحتَمَل في الأصول، كما سبق بيانه في مواضع.
قال القاضي: ويَحتَمِلُ أنه لم يَعُدّ في هذه الصلاة الركعتين الأوليين الخفيفتين اللتين كان النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - يستفتح صلاة الليل بهما، كما صرّحت الأحاديث بهما في مسلم وغيره، ولهذا قال:"صلّى ركعتين، فأطال فيهما"، فدلّ على أنهما بعد الخفيفتين، فتكون الخفيفتان، ثم الطويلتان، ثم الست المذكورات، ثم ثلاث بعدها، كما ذكر، فصارت الجملة ثلاث عشرة، كما في باقي الروايات. واللَّه أعلم. انتهى (١).
وقد تقدّم فى شرح حديث رقم ٩/ ١٦٢٠ - عن الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ- نحو هذا، فإنه لَمّا ذكر رواية علي بن عبد اللَّه بن عباس عند مسلم، وذكر مخالفتها، قال: فزاد على الرواة