رجال الصحيح، غير شيخه، فمنه تفرد به هو وأبو داود، والترمذيّ. (ومنها): أنه مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فدمشقيّ. (ومنها): أن فيه رواية تابعي عن تابعيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَنْ أَبِي مِجْلَزِ) -بكسر الميم، وسكون الجيم، وفتح اللام- لاحق بن حُميد (أَنَّ أَبَا مُوسَى) الأشعري - رضي اللَّه تعالى عنه - (كَانَ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَصَلَّى الْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ) لكونه مسافرًا، وفي رواية أحمد من طريق ثابت، عن عاصم، عن أبي مِجْلز، قال:"صلى أبو موسى بأصحابه، وهو مرتحلٌ من مكة إلى المدينة، فصلى العشاء ركعتين، وسلم … "(ثُمَّ قَامَ، فَصَلَّى رَكْعَةَ) الظاهر أنه ما صلى قبلها شفعًا (أَوْتَرَ بِها، فَقَرَأَ فِيهَا بِمِائَةِ آيَةٍ، مِنَ النِّسَاءِ) وفي رواية أحمد المذكورة: "ثم قام، فقرأ مائة آية، من سورة النساء في ركعة … ".
وفيه مشروعية تطويل القراءة في صلاة الوتر، فما يأتي في الباب التالي محمول على
الغالب (ثم قَالَ) أبو موسى لَمّا أنكروا عليه ذلك، ففي رواية أحمد المذكورة:"فأنكر ذلك عليه، فقال: ما ألوت … "(مَا أَلَوْتُ) أي ما قصّرت (أَنْ أَضَعَ قَدَمَيَّ) بالتثنية، والكلام على حذف حرف الجرّ، وهو مقيس مع "أَنْ"، و"أَنَّ" المصدريّتين، أي في أن أضع قدميّ (حَيْثُ وَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَدَمَيْهِ) أي في المكان الذي وضع - صلى اللَّه عليه وسلم - قدميه عليه.
وأراد أبو موسى - رضي اللَّه عنه - بهذا شدّةَ عنايته بمتابعة سنن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، فشبه ذلك بمن يمشي وراء رجل، ويضع قدمه حيث وضع ذلك الرجل قدمه عليه.
وفيه ما كان عليه الصحابة - رضي اللَّه عنهم - من شدة الاعتناء بمتابعة سنة رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - (وَأَنَا أَقْرَأُ بِمَا قَرَأَ بهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -) فيه أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - قرأ من السورة المذكورة مائة آية في الوتر. واللهَ تعالى أَعلم.
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: حديث أبي موسى الأشعري - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح، وهو من أفراد المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، أخرجه هنا-٤٦/ ١٧٢٨ - وفي "الكبرى" ٥٩/ ١٤٢٤ - بالإسناد المذكور. وأخرجه أحمد ٤/ ٤١٩. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، واليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".