للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فعلى هذا فإدخال المصنف له في هذا الباب فيه نظر لا يخفى.

وقال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يحتمل أنه كان يقوله في آخر القيام، فصار هو من القنوت، كما هو مقتضى كلام المصنّف، ويحتمل أنه كان يقوله في قعود التشهّد، وهو ظاهر اللفظ انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما ذكره السنديّ من الاحتمالين يردّه ما نقله ابن القيّم، والشوكاني رحمهما اللَّه تعالى، من رواية النسائي، من أن ذلك كان بعد الفراغ من الصلاة، إلا أنه يحتاج إلى ثبوت ما نسباه إلى النسائي، فإني لم أر ذلك عنده، فليُحرّر. واللَّه تعالى أعلم.

(اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِن سَخَطِكَ، وَبمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ) قال الشوكاني -رحمه اللَّه تَعالى-: استعاذ باللَّه سَبحانه وتعالى أن يُجيره برضاه من سخطه، وكذلك استعاذ به سبحانه وتعالى أن يُجيره بمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدّان لا يجتمعان، وكذلك المعافاة والعقوبة، فإذا حصل له أحدهما سَلِم من الآخر، ولَمّا صار إلى ما لا ضدّ له قال: "وأعوذ بك منك"، ومعناه الاستعفاء عن التقصير فيما يجب عليه من العبادة والشكر انتهى (١) (لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ) أي لا أُطيق إحصاءه، ومعناه لا أحصي الثناء بنعمتك، وإحسانك، وإن اجتهدت في ذلك، وفي لفظ (٢): "لا أحصي ثناء عليك، ولو حرصت" (أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ") فيه الاعتراف بالعجز عن القيام بواجب الشكر والثناء، وأنه لا يقدر عليه، وإن بلغ فيه كلّ مبلغ، بل هو سبحانه وتعالى كما أثنى على نفسه، فكأنه قال: هذا أمر لا تقوم به القُوَى البشريّة، ولكن أنت القادر على الثناء علىِ نفسك بما يليق بك، فأنت كما أثنيت على نفسك (٣) وقد تقدّم شرح الحديث مستوفًى في "كتاب الطهارة" رقم ١٢٠/ ١٦٩ فراجعه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث علي - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنف له:

أخرجه هنا-٥١/ ١٧٤٧ - وفي "الكبرى" ٦٥/ ١٤٤٤ بالسند المذكور، وفي "الكبرى" عن إسحاق بن منصور، عن أبي الوليد هشام بن عبد الملك، عن حماد بن سلمة به. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "تحفة الذاكرين" ص ١٠٦.
(٢) - وهو في الرواية التي عزاها ابن القيم إلى النسائيّ فيما سبق.
(٣) - المصدر المذكور.