[تنبيه]: قال الإمام البخاري -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه": وحدثني محمد بن مقاتل، أبو الحسن، قال: أخبرنا عبد اللَّه، قال: أخبرنا الأوزاعي، قال: حدثني يحيى ابن أبي كثير، قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن، قال: حدثني عبد اللَّه بن عمرو ابن العاص - رضي اللَّه عنهما -، قال: قال لي رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - … الحديث، فقال في "الفتح": قد صرّح بالتحديث في جميع الإسناد، فأُمن تدليس الأوزاعيّ، وشيخه. انتهى (١).
(قَالَ) عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنهما - (قَالَ لِي رَسولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "لَا تَكُنْ مِثْلَ فُلَانٍ) قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: لم أقف على تسميته في شىء من الطرق، وكأن إبهام مثل هذا لقصد الستر عليه، كالذي تقدّم قريبًا في الذي نام حتى أصبح، ويحتمل أن يكون النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يقصد شخصًا معيّنًا، وإنما أراد تنفير عبد اللَّه بن عمرو من الصنيع المذكور انتهى. (كَانَ يَقُوم اللَّيْلَ) ووقع عند البخاريّ بلفظ""كان يقوم من الليل"، فقال في "الفتح": أي بعض الليل، وسقط لفظ "من" من رواية الأكثرين، وهي مرادة. قال ابن العربيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: في هذا الحديث دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو كان واجبًا لم يكتف لتاركه بهذا القدر، بل كان يذمه أبلغ الذمّ. انتهى.
(فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ") الظاهر أن تركه ذلك كان من غير عذر، لأنه لو كان لعذر لما ذُمّ بتركه، بل ثبت أنه يكتب له أجره، لما أخرجه البخاريّ في "صحيحه" من حديث أبي موسى الأشعري - رضي اللَّه عنه -: قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إِذَا مَرِضَ الْعَبْدُ، أَوْ سَافَر، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا، صَحِيحًا".
وكأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - يُرغّب عبد اللَّه بن عمرو في الاقتصاد في العبادة، وعدم التشديد على نفسه بتكليفها ما لا تستطيع القيام به، لأن ذلك يؤدي إلى تركها، فيكون مثل هذا الرجل المذموم، واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
المسألة الأولى: في درجته: حديث عبد اللَّه بن عمرو - رضي اللَّه عنه - هذا متفق عليه.
المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له:
أخرجه هنا-٥٩/ ١٧٦٣ وفي "الكبرى" ٨/ ١٣٠٣ - بالإسناد المذكور. وفي ٥٩/