للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث

(عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ، عَن رَجُلٍ عِنْدَهُ رِضًى) يحتمل أن يكون بفتح الراء، وكسر الضاد المعجمة، فَعيل، بمعنى مفعول، أي مرضي عند سعيد بن جُبير، ويحتمل أن بكسر الراء، وفتح الضاد، بصيغة المصدر (١)، وُصف به مبالغة، كما يقال: رجل عَدْل، وهذا المبهم سيأتي في الباب التالي أنه الأسود بن يزيد (أَخْبَرَهُ أَنَّ عَائِشَةَ - رضي اللَّه عنها -) زاد في رواية "الموطإ": "زوج النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - " (أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -، قَالَ: "مَا) نافية (مِنِ) زائدة (امْرِىءٍ) مجرور لفظًا، مرفوع على أنه اسم "ما" إن جُعلت حجازيّة، وعلى الابتداء، إن جُعلت تميمية (تَكُونُ لَهُ صَلَاةٌ بِلَيْلٍ) وفي نسخة "بالليل" (فَغَلَبَهُ، عَلَيْهَا نَوْمٌ) أي ليس شخص يتعوّد صلاة الليل، فمنعه نوم من أدائها.

قال الباجيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هو على وجهين: أحدهما أن يذهب به النوم، فلا يستيقظ. والثاني أن يستقيظ، ويمنعه غلبة النوم من الصلاة، فهذا حكمه أن ينام، حتى يذهب عنه مانع النوم انتهى (إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَجْرَ صَلَاِتهِ) أي أجر صلاته التي اعتادها، فغلبه النوم عنها في بعض الأوقات، فإن اللَّه تعالى يتفضل اللَّه عليه بكتابة أجره الذي يكتب له على صلاته بسبب نيته الصالحة.

قال السنديّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: يفيد أنه يكتب له الأجر، وإن لم يقض، فما جاء من القضاء، فللمحافظة على العادة، ولمضاعفة الأجر، واللَّه تعالى أعلم انتهى (٢).

وقال الباجيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وذلك يحتمل أن له أجرها غير مضاعف، ولو عملها لضوعف أجرها، إذ لا خلاف أن المصلي أكمل حالاً. ويحتمل أنه يريد أجر نيته، وأن له أجر من تمنى أن يصلي تلك الصلاة، أو أجر تأسفه على ما فاته منها. قال الزرقاني -رَحِمَهُ اللَّهُ-: واستظهر غيره الأول، أي أجر نيته، لا سيما مع قوله: "وكان نومه عليه صدقة". انتهى (٣).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذه الاحتمالات التي ذكرها الباجي بعيدة عن ظاهر النص، فلا يلتفت إليها، فالصواب أن ما دلّ عليه ظاهر النصّ من أن اللَّه تعالى يكتب له أجر صلاته كاملة هو المعوّل عليه، فتبصّر، ولا تتحيَّر. وسيأتي عن القرطبي ترجيح ما دلّ عليه ظاهر النصّ بعد ثلاثة أبواب إن شاء اللَّه تعالى. واللَّه تعالى أعلم.

(وَكَانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ") قال الباجيّ: يعني أنه لا يحتسب به، ويكتب له أجر المصلين. وقال ابن عبد البرّ -رحمه اللَّه تعالى-: في هذا الحديث ما يدلّ على أن المرأ


(١) - هذا من غير ملاحظة كتابته، وإلا فحقّ المصدر أن يُكتب بالألف، لا بالياء، كما هو القاعدة في الواويّ، فتنبّه.
(٢) - "شرح السنديّ" ج ٣ ص ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٣) - "شرح الزرقاني" على "الموطإ" ج ١ ص ٢٤١.