قاله في "الفتح"- كلهم عن الزهريّ، عن أبي عبيد، عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه -.
قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: هكذا اتفق هؤلاء عن الزهريّ في روايته، عن أبي عبيد، وخالفهم إبراهيم بن سعد، عن الزهريّ، فقال: عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه بن عُتبة، عن أبي هريرة، أخرجه النسائيّ، وقال: رواية الزبيديّ أولى بالصواب، وإبراهيم بن سعد ثقة. يعني ولكنه أخطأ في هذا انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: إنما رجح المصنف -رحمه اللَّه تعالى- رواية الزبيديَّ، وإن كان في سندها بقية، وهو مدلّس، تدليس التسوية؛ لكونه صرح بالتحديث في شيخه، وشيخ شيخه، ولا يقال: إنه عنعن في شيخ الزهري؛ لأن الحديث مشهور برواية الزهري، عن أبي عبيد، كما يتضح بعدُ من رواية معمر، ومن ذكر معه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجعِ والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
١٨٢٠ - أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ, عَنْ حُمَيْدٍ, عَنْ أَنَسٍ, أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ فِي الدُّنْيَا, وَلَكِنْ لِيَقُلِ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي, وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لِي».
رجال هذا الإسناد: أربعة:
١ - (قتيبة) بن سعيد الثقفي البغلاني، ثقة ثبت [١٠] ١/ ١.
٢ - (يزيد بن زُريع) أبو معاوية البصريّ، ثقة ثبت [٨] ٥/ ٥.
٣ - (حُميد) بن أبي حُميد الطويل البصريّ ثقة [٥] ٨٧/ ١٠٨.
٤ - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه عنه - ٦/ ٦.
وهذا الإسناد من رباعيات المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو (١٠٦) من رباعيات الكتاب، وهو مسلسل بالبصريين، غير شيخه، فبلخيّ. واللَّه تعالى أعلم.
شرح الحديث
(عَن أَنس) بن مالك - رضي اللَّه عنه - (أَنّ رَسُولَ اللَّهِ) وفي نسخة: "أن النبيّ" (- صلى اللَّه عليه وسلم - قَالَ: لَا يَتَمَنّيَنّ أَحَدُكُمُ الْمَوْتَ) أي لأنه يدلّ على الجزع في البلاء، وعدم الرضا بالقضاء (لِضُرَ) بضم الضاد المعجمة، وفتحها، أي من أجل ضرر ماليّ، أو بدنيّ (نَزَلَ بِهِ فِي الدّنْيَا) "في" سببية، أي بسبب أمر من الدنيا.
وفيه دلالة على أنه لو كان لضرّ أُخْرَويّ بأن خشي فتنة في دينه لم يدخل في النهي، وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة - رضي اللَّه عنهم -:
(١) - "فتح" ج١٠ ص ١٣٥. طبعة دار الريان.