للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَبَعدَ "مَا"و"لَيْسَ" جَر الْبَا الْخَبَرْ … وَبَعْدَ "لَا" وَنَفْيِ "كَانَ" قدْ يُجَرُّ

ومفعول "فاعلِ" محذوف، أي ما أمرك به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -، والمراد على وجه الكمال في الزجر، وإلا فقد قام بالأمر حيث نهاهنّ عن الضجر. قاله القاري.

وقال الكرمانيّ: أي لم تبلغ النهي، ونفته، وإن كان قد نهاهنّ لأنه لم يترتب على نهيه الامتثال، فكأنه لم يفعله، ويحتمل أن تكون أرادت لم تفعل، أي الحثو بالتراب انتهى.

ولفظ الشيخين: "لم تفعل ما أمرك به رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - ولم تترك رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - من العناء"، بفتح المهملة، والنون، والمدّ: أي المشقّة والتعب. وفي رواية لمسلم: "من العِيّ" بكسر المهملة، وتشديد التحتانية، ووقع في رواية العُذريّ "الغَيّ" بفتح المعجمة بلفظ ضدّ الرشد (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلق بهذا الحديث:

المسألة الأولى. في درجته. حديث عائشة - رضي اللَّه عنها - هذا متفق عليه.

المسألة الثانية: في بيان مواضع ذكر المصنّف له، وفيمن أخرجه معه:

أخرجه هنا-١٤/ ١٨٤٧ - وفي "الكبرى" ١٤/ ١٩٧٤ - وأخرجه (خ) ١٢٩٩ و ١٣٠٥ و ٤٢٦٣ (م) ٩٣٥ (د) ٣١٢٢ (أحمد) ٢٣٧٩٢ و ٢٥٨٣١ واللَّه تعالى أعلم.

المسألة الثالثة: في فوائده:

منها: ما ترجم له المصنّف -رحمه اللَّه تعالى-، وهو النهي عن البكاء على الميت، وسيأتي الجمع بينه وبين أحاديث إباحة البكاء على الميت بعد باب، إن شاء اللَّه تعالى. ومنها: جواز الجلوس للعزاء بسكينة ووقار، وقد ترجم الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه" على هذا الحديث بقوله: "باب من جلس عند المصيبة، يُعرَف فيه الحزن". قال الزين ابن المُنَيِّر -رحمه اللَّه تعالى-: ما ملخّصه: موقع هذه الترجمة من الفقه أن الاعتدال في الأحوال هو المسلك الأقوم، فمن أصيب بمصيبة عظيمة، لا يُفْرِطُ في الحزن حتى يقع في المحذور، من اللَّّطْم، والشَّقّ، والنَّوْح، وغيرها، ولا يُفَرِّطُ في التجلّد، حتى يفضي إلى القسوة، والاستخفاف بقدر المصاب، فيَقتدِي به - صلى اللَّه عليه وسلم - في تلك الحالة، بأن يَجلِس المصاب جلسة خفيفةً بوقار، وسكينة، تظهر عليه مخايل الحزن، ويُؤذن بأن المصيبة عظيمة.


(١) - راجع "الفتح" ج٣ ص ٥١٩.