للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال السنديّ -رحمه اللَّه تعالى-: فيه أن بكاءهنّ كان بدمع العين، لا بالصياح، فلذلك رخّص في ذلك، وبه يحصل التوفيق بين أحاديث الباب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب انتهى (١) (وَالْقَلْبَ مُصَابٌ) أي أصابه الحزن، وفي نسخة، وهو الذي في "الكبرى" "والفؤاد مصاب"، والمعنى واحد (وَالْعَهْدَ قَرِيبٌ) أي وقت مفارقته الميت قريب، بحيث لا يغيب عن ذهنهم، حتى يتسلَّوا عنه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

المسألة الأولى: في درجته: حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا صحيح.

فإن قلت: كيف يصحّ، وفي سنده سلمة بن الأزرق، وهو مجهول، كما تقدّم في ترجمته؟

قلت: بل هو ثقة، بدليل أن ابن عمر - رضي اللَّه عنهما - اعتمد على روايته عن أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - هذا الحديث، حتى قال بعد أن استوثق من سماعه من أبي هريرة، وأنه رفعه إلى النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -: ما نصه: فاللَّه ورسوله أعلم، فلو لم يكن ثقة معتمدًا عليه، لما قال ذلك ابن عمر - رضي اللَّه عنهما -.

قال العلامة أحمد محمد شاكر -رحمه اللَّه تعالى- فيما كتبه على "مسند الإمام أحمد" -رحمه اللَّه تعالى- عند تخريجه لهذا الحديث: ما ملخّصه: ونحن نرجّح جدّا أنه ثقة، لأن محمد بن عمرو بن عطاء شهد مجلسه من ابن عمر، وروايته لابن عمر حديث أبي هريرة، وسؤال ابن عمر إياه، مستوثقًا من سماعه من أبي هريرة ما حدّثه عنه، ومن رفع أبي هريرة للحديث، عن النبي - صلى اللَّه عليه وسلم -، ثم جواب ابن عمر بعد أن استوثق منه بقوله: "فاللَّه أعلم"، تسليمًا منه بصحة الرواية، وهو صريحٌ في ثقة ابن عمر بهذا الرجل، وعدله، وصدقه، فلو كان مجروحًا عنده، أو متهمًا في صدقه، وفي معرفته بما يروي لَمَا قَبِلَ منه روايته، ولردّها عليه، إن شاء اللَّه، وهذا واضح بيّن انتهى كلام ابن شاكر -رحمه اللَّه تعالى- باختصار (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: ما قال العلامة أحمد شاكر -رحمه اللَّه تعالى- كلام نفيس جدًّا.

وحاصله أن سلمة بن الأزرق تابعي ثقة معروف عند ابن عمر، فلا شكّ في كون هذا


(١) - (شرح السندي) ج ٤ ص ١٩.
(٢) - انظر تحقيق أحمد شاكر للمسند ج ٨ ص ١٤٩.