للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وأما نعي الجاهلية، فقال سعيد بن منصور: أخبرنا ابن عُليّة، عن ابن عون، قال: قلت لإبراهيم: أكانوا يكرهون النعي؟ قال: نعم، قال ابن عون: كانوا إذا تُوُفي الرجل ركب رجل دابّة، ثم صاح في الناس: أنعى فلانًا. وبه إلى ابن عون قال: قال ابن سيرين: لا أعلم بأسًا أن يُؤذِن الرجل صديقه وحميمه.

وحاصله أن محض الإعلام بذلك لا يكره، فمن زاد على ذلك فلا. وقد كان بعض السلف يشدّد في ذلك حتى كان حذيفة إذا مات له الميت يقول: لا تؤذنوا به أحدًا، إني أخاف أن يكون نعيًا، إني سمعت رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - بأذنيّ هاتين ينهى عن النعي. أخرجه الترمذيّ، وابن ماجه بإسناد حسن.

قال ابن العربيّ: يؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:

الأولى: إعلام الأهل والأصحاب، وأهل الصلاح، فهذا سنة. الثانية: دعوة الْحَفْل للمفاخرة، فهذه تكره. الثالثة: الإعلام بنوع آخر، كالنياحة، ونحو ذلك، فهذا يحرم. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب.

١٨٧٨ - أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ, قَالَ: أَنْبَأَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ, عَنْ أَنَسٍ: "أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, نَعَى زَيْدًا, وَجَعْفَرًا, قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ خَبَرُهُمْ, فَنَعَاهُمْ, وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ".

رجال هذا الإسناد: ستة:

١ - (إسحاق) بن إبراهيم المذكور قبله.

٢ - (سليمان بن حرب) الأزديّ البصريّ، ثم المكيّ، ثقة ثبت حجة [٩] ١٨١/ ٢٨٨.

٣ - (حماد بن زيد) بن درهم، أبو إسماعيل البصري الحافظ الثبت [٨] ٣/ ٣.

٤ - (أيوب) بن أبي تميمة السختياني البصريّ الفقيه الحافظ الحجة [٥] ٤٢/ ٤٨.

٥ - (حميد بن هلال) البصريّ، ثقة [٣] ٤/ ٤.

٦ - (أنس) بن مالك - رضي اللَّه عنه - ٥/ ٥. واللَّه تعالى أعلم.

لطائف هذا الإسناد:

منها: أنه من سداسيات المصنف -رحمه اللَّه تعالى-، وأنه ومسلسل بالبصريين، غير شيخه، فمروزيّ، وفيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ، وفيه أنس أحد المكثرين السبعة. واللَّه تعالى أعلم.


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٤٥٣.